طعنة إيناس وثمن التجييش

طعنة إيناس وثمن التجييش
الرابط المختصر

حتى لو كانت هذه الممارسة بعيدة عن مجتمعنا كما يحب المسؤولون دائما ان يبدأوا حديثهم, فإن طعن الناشطة ايناس مسلم مهما كانت هوية الفاعل, هي نتيجة حتمية لسياسة التجييش الغبية التي تمارس منذ زمن من قبل بعض العاملين في اللعبة السياسية كل بحسب اجندته الخاصة.

وطعن ايناس, انعكاس لخطاب الكراهية والتقسيم بين المواطنين; مواطن مع الاصلاح ومواطن ضد الاصلاح, مع الحراك وضده, مع النظام وضده, »شمالاتي جنوباتي«, شيشاني شامي, اردني غرب النهر واردني شرقه, مواطن كامل الدسم, وآخر منزوع الدسم, اردني برقم وطني وآخر بكرت (أصفر), تقسيمات تصيب العصب الرئيسي للمواطنة, ويتم العبث بها, بكل اريحية.

طعن ايناس, حتى لو كانت السكين قذفت في الهواء, مع انها جاءت من شخص كان يرتدي قفازات وغطاءً على الوجه والرأس, انما تعبر عن حجم الاحتقان العام الذي تعيشه البلاد, بسبب ما نعانيه من ازمات إقتصادية, وسياسية واجتماعية, وبعد عام من الحراك تهتم السلطات فقط باضعافه, وتقليل اعداده, ولا تهتم بالبحث عن اسبابه, فمهما كان حجم الحراك, فإن مبررات بقائه موجودة, وقد اثبت حراك المعلمين, ان امكانية تحرك القطاعات المختلفة, واردة وموحدة ايضا, وقد تشارك بالآلاف إن اقتضت اللحظة.

مسؤولية الحكومة والاجهزة الامنية, رئيسية في كبح هذه الظواهر الغريبة عن مجتمعنا, لاننا لن نعالج هذه الظواهر البشعة بانكارها واستغرابها فقط, والتغني انها بعيدة عن مجتمعنا, وانما بانفاذ القانون بحزم ومن دون مهادنة, ووقف سياسة الطبطبة, لان من يؤمنون بهذه الممارسات وينفذونها بايديهم, لا تنفع معهم المصالحات, وانما نحتاح أن تكون عين الحكومة حمراء.

نشك في أن تقوم الحكومة (صاحبة الولاية العامة) بالتحقيق جديا في الاعتداء, وتقديم المعتدين للقضاء, ذلك أنه سبق أن تمت اعتداءات أخرى وعدت فيها الحكومة بالتحقيق وكشف الفاعلين ولم تقم بذلك. ومن ذلك الاعتداء على ليث شبيلات (أمام مخبز), واعتداء سلحوب (الذي استهدف أحمد عبيدات, وحرق مقر حزب جبهة العمل الاسلامي.

وطالما أن الحكومة وعدت بالتحقيق ولم تفعل فيعني ذلك أحد احتمالين: إما أن أنها غير قادرة بسبب اصطدام التحقيق بمصالح متنفذين قادرين على ايقاف التحقيق, أو أن الحكومة لا تملك الامكانيات لذلك وهذا شيء غير متصور.

اما المسؤولية الاخرى فتقع على بعض وسائل الاعلام, التي اصبحت ادوات لبث لغة التجييش والتقسيم والتخوين. كما لا يتردد بعض الكتاب والمعلقين من نشر لغة الكراهية والتخوين والاتهامية, والتشكيك بالناس بسبب جدهم الرابع.

والمسؤولية ايضا لا تعفي بعض نشطاء الحراك الشعبي والسياسي, وهواة الاعلام والمنابر الذين يغمضون العين عن دقة المرحلة, وعليهم أن يتوقفوا عن الخطابات المتطرفة, والعبارات المتطيرة, التي لا تجلب نفعا, وانما تزيد من حجم الاحتقانات, وترفع من منسوب العمل غير المسؤول, وتبعد الناس عن فكرة الاصلاح والتغيير.

من يشاهد بعض التعليقات في المواقع الالكترونية ووسائل الاعلام المختلفة, ومن يستمع إلى التطيِر في الهتافات في بعض انشطة الحراك الشعبي, يكتشف خطورة المرحلة التي نعيشها, وهشاشة النسيج الوطني, ومدى تمدد العبثيين, حيث قد يرمي احدهم حجرا في البئر, عندها ربما لا يستطيع مئات العقلاء رفعه.

span style=color: #ff0000;العرب اليوم/span

أضف تعليقك