طرد السفير الإسرائيلي

طرد السفير الإسرائيلي
الرابط المختصر

بكل المقاييس، تعد خطوة مجلس النواب أمس بالتصويت على التوصية للحكومة بطرد السفير الإسرائيلي من عمان، وسحب سفيرنا من تل أبيب، ردا على تجرؤ الكنيست الصهيوني على الولاية الأردنية والعربية على المسجد الاقصى والقدس، خطوة إيجابية من النواب، وردا ملائما على الخطوة الصهيونية التي تعني واقعيا نقضا إسرائيليا فاضحا لاتفاقية "وادي عربة" للسلام المزعوم.

قد لا تكون توصية مجلس النواب ملزمة دستوريا للحكومة في هذا السياق، لكنها ملزمة لها عمليا وسياسيا. فالنواب قادرون، عمليا، على الدفاع عن قرارهم وتوصيتهم التي جاءت بالأغلبية، بإلزام الحكومة بتنفيذها تحت طائلة طرح الثقة بها، خاصة وأن قضية القدس والولاية الدينية الأردنية الهاشمية عليها هي قضية جوهرية للأردن؛ قيادة وحكومة وشعبا. ويجب أن تدعم التوصية النيابية قدرة الحكومة على اتخاذ قرار مؤثر ضد تحرك الكنيست الإسرائيلي.

شعبيا، لا يرتقي قرار النواب وتوصيتهم، أمس، إلى حجم الغضب والرفض الشعبيين للانتهاكات الصهيونية المتواصلة في فلسطين، وتحديدا في القدس الشريف ومقدساتها، بل ويمتد الغضب الشعبي ليس فقط إلى استمرار العلاقات الدبلوماسية الطبيعية مع دولة الاحتلال رغم عدوانها وانتهاكاتها، بل وأيضا إلى إقامة العديد من المشاريع والاتفاقيات المشتركة مع هذا العدو، وتسخين "السلام" معه اقتصاديا وتجاريا؛ كما في مشروع قناة البحرين، فيما تخرق إسرائيل كل ساعة ودقيقة ما تبقى من أمل في سلام عادل وشامل؛ عبر مضاعفة الاستيطان، ورفض الاعتراف بالحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، ومواصلة العدوان على المقدسات.

لكن، مع ذلك، فإن خطوة النواب وموقفهم أمس، هو أمر إيجابي، يجب تطويره وتسييسه إلى أبعد حد، ليؤدي المفاعيل المطلوبة، وعلى رأسها إيصال رسالة للاحتلال الصهيوني بأن خرقه لمعاهدة السلام في القدس والمقدسات، سيُقابل برد سريع، يجب أن لا يقف عند حد طرد السفير الإسرائيلي من عمان وسحب سفيرنا من تل أبيب، بل يتعداه إلى إغلاق سفارة الاحتلال، وأن يسير النواب جديا وسريعا، وضمن صلاحيتهم الدستورية، في إعداد وتشريع قانون يلغي معاهدة وادي عربة، لنزع ورقة التوت عن العدوان الإسرائيلي أمام الرأي العام العالمي باعتبار أن إسرائيل تقيم علاقات دبلوماسية وسياسية طبيعية مع دول في محيطها.

ثمة تخوفات مشروعة، وتوقعات من قبل مراقبين، أثيرت فور تصويت النواب أمس على توصيتهم للحكومة بطرد السفير الإسرائيلي، تذهب إلى أن الحكومة ستبادر إلى سحب البساط من تحت النواب، في محاولة لفرملة اندفاعهم إلى التصعيد مع إسرائيل، وبأنها ستسعى للضغط من تحت الطاولة على نواب لعدم ذهاب البرلمان بعيدا في تصعيده.

طبعا، ستكون هذه الخطوة الحكومية، إن صدقت التوقعات، ليست خاطئة ومرفوضة فقط، بل وخطوة تفتقر لأدنى الذكاء سياسيا، وتعكس تفريطا حكوميا بأوراق قوة مهمة في أيديها، في إدارة العلاقة مع هذا العدو، وهي تبحث عن مصالح الأردن العليا.

بل إن المطلوب من الحكومة اليوم، أن تعزز هذا الموقف النيابي الأردني، بأن تتجه مباشرة إلى مجلس الأمن الدولي الذي يحتل فيه الأردن حالياً مقعدا غير دائم، للرد وفق القانون الدولي على توجه الكنيست الإسرائيلي لسحب الولاية الأردنية والعربية عن القدس والمقدسات. وأعتقد أن سعي الأردن لقرار دولي في هذا السياق اليوم هو أمر مبرر وممكن، خاصة مع توافقه مع قرارات مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة باعتبار القدس الشرقية أرضا فلسطينية محتلة، ورفض الاعتراف بسيادة الاحتلال الإسرائيلي عليها.

ليس لدينا أوهاما في تقدير حسابات الحكومة. لكن تغول إسرائيل، وتسابق ساستها ومتطرفيها على فرض الأمر الواقع في القدس والضفة الغربية المحتلة، وضربهم عرض الحائط بالمصالح الأردنية والفلسطينية والعربية، لم يعد يحتمل السكوت، وأقل الإيمان مواقف سياسية ودبلوماسية مؤثرة وصادمة.

الغد

أضف تعليقك