شعارات اقتصادية غائبة عن المرشحين
رغم جسامة التحديات التي تحيط بالاقتصاد الوطني وتحد من تحسن معيشة المواطنين الذين تآكل دخلهم في السنوات الماضية بنسبة تجاوزت 50 بالمئة على اقل تقدير الا ان حملات معظم المرشحين لانتخابات مجلس النواب المقبل تكاد تخلو من تناول الشأن الاقتصادي المحلي.
لا اعتقد ان هناك من هو متفائل بمجلس نواب افضل اداء من المجلس السابق, فاذا ما دققنا بشعارات المرشحين سنجدها غريبة من حيث تعاملها مع القضايا الاقتصادية المحلية, فبعضهم اغفل الحديث عنها بشكل كامل, لسببين حسب اعتقادي, اولهما: انه مدرك جيدا لابعاد هذه التحديات وان الحلول التي تطرح في هذه المناسبات لم تعد تقنع الناخبين, وان حل الازمة بات من الخارج اكثر منه من الداخل, وبالتالي لا داعي للحديث عن هذا الامر ويحبذ التركيز على قضايا خدمية يستفيد منها المواطنون مباشرة من الدولة.
اما ثاني الاسباب لعزوف المرشحين عن تناول الشأن الاقتصادي في حملاتهم فيرجع الى ضعف علمهم بالشيء من حيث ادراكهم لحقيقة الوضع وابتعادهم عن تلمس احتياجات المواطنين وقضاياهم خاصة المعيشية منها.
جانب آخر في الحملات الانتخابية يستحق الملاحظة وهو بعض الشعارات الدينية التي يرفعها بعض المرشحين الحزبيين لمعالجة الشأن الاقتصادي, وهي عادة ما تكون بعيدة كل البعد عن ارض الواقع, وهؤلاء المرشحون يعلمون جيدا انه لا مجال لتطبيق تلك الشعارات فعليا وقد يكون الهدف الاسمى لهم هو دغدغة مشاعر المرشحين بخطاب ديني يرتكز اساسه على تردي الاوضاع الاقتصادية للمواطنين التي هي اساسا سببها عوامل اقليمية ودولية, فالاقتصاد الاردني اقتصاد صغير يتأثر بما حوله اكثر مما يؤثر فيه.
فعلى سبيل المثال, قضية ارتفاع اسعار النفط عالميا وتداعياتها محليا وايجاد منظومة شاملة لشبكة الامان الاجتماعي هي قضية الساعة وحديث كل فرد واسرة, كنا نتمنى ان نرى من المرشحين خاصة الحزبيين والاسلاميين من يتناول هذه القضية التي تؤرق المواطنين, ولا احد يطلب منهم المعجزات في برامجهم الانتخابية, وكل ما في المسألة الاقتراب بصدق اكثر نحو قضايا الوطن والمواطن والابتعاد عن المصالح الشخصية والمناكفات السياسية.
لا يُفهم من هذا الكلام انه لا يوجد من المرشحين المستقلين من يعي قضايا المواطنين الاقتصادية والمعيشية, لكن الجميع يُعول على دور غير تقليدي هذه المرة للناخبين في اختيار مرشحيهم النواب, فهم اولا واخيرا اصحاب القرار النهائي في ذلك, وهم مطالبون بالابتعاد قدر الامكان عن عمليات الاختيار البعيدة عن مصالح الوطن والاقتراب اكثر من مرشحين قادرين على طرح البدائل والحلول لتحسين مستوى معيشتهم وحياتهم اليومية, والتي لا تهدف الى التنظير والتلاعب بمشاعر الناخبين.
وجود نواب يملكون قدرا من الوعي والتفهم للقضايا الاقتصادية الملحة سيساعد راسم السياسة الاقتصادية على تنفيذ البرامج التنموية بما يضمن تحقيق عدالة توزيع مكتسبات التنمية, ويعالج الاختلالات التي اصابت المالية العامة والتشوهات التي شابت معظم السياسات والتشريعات الاقتصادية التي أُقر معظمها على عجل من اجل تلبية متطلبات الانفتاح الاقتصادي.
span style=color: #ff0000;العرب اليوم/span