سمير الرفاعي: النقد مهما فعل..!

سمير الرفاعي: النقد مهما فعل..!
الرابط المختصر

اعان الله سمير الرفاعي رئيس الوزراء على هذه الطريقة في النقد ، اذ ان هناك نقدا لاذعا ، دون سبب واضح.

انا من الذين انتقدوا حكومته بشأن قضايا عديدة ، ولم يفسد النقد علاقة شخصية ، ولا عامة.المثير في قصة الرجل ، انه يتعرض لرميات السهام في كل الحالات.اذا جلس في مكتبه قيل ان الرئيس لايخرج من عمان ، واذا ذهب الى المحافظات قيل لماذا يذهب الرئيس الى المحافظات ، وكأنه مستهدف مهما فعل؟؟

اذا ذهب الى دارة السينما في عمان قيل ان الرئيس طبقي ، ويذهب الى السينما وان ثقافة السينما عّمانية فقط ، ولاتراعي الرسالة الاعلامية وجود ستة ملايين مواطن لايذهب اغلبهم الى السينما ، واذا ذهب الى "مطعم هاشم" ليأكل الحمص والفلافل ، قيل لماذا يذهب الى وسط البلد ، وهل دفع الحساب ام لم يدفع ، فيتم رميه بالسهام في الحالين.

اذا قرر الرئيس محاورة الاسلاميين بعد مقاطعتهم قيل هذا تبديد لهيبة الدولة ، ولماذا يحاورهم وهل هم احسن من غيرهم ، واذا قرر عدم محاورتهم قيل ان الرئيس ، لايتنازل من اجل الجلوس الى مائدة الحوار ، فيتم رميه بالسهام في الحالين.

اذا احال الى التقاعد مديراً من محافظة معينة قيل انه يستهدف ابناء هذه المحافظة ، واذا عين مديراً من ذات المحافظة قيل لماذا ازاح الذي قبله وهو من منطقة اخرى ، وكأن ضرب المطارق لايريد ان يتوقف.

اذا اعترف الرئيس بحجم العجز المالي والديون قيل انه يريد سلخ جلد الناس عن لحمهم ويرفع سعر كل شيء ، واذا اعلنت حكومته انها نجحت في خفض العجز في النصف الاول بنسبة سبعين بالمائة قيل ان الحكومة عصرت البلد ، ولاتقال كلمة "شكرا" ، واذا انفلت العجز قيل ان الحكومة تركت الامور لتنهار ، فرميات السهام لاتتوقف في كل الحالات.

اذا خفف الرئيس علاقاته مع الاعلام قيل ان الرئيس لا يتعامل مع الاعلام وقطع علاقاته مع من يعرف وانه استعدى الاعلام ، واذا زار الصحف قيل انه بدأ يستقطب الاعلام ويحتوي الصحف اليومية ، واذا استقبل صحافياً او اكثر قيل انه بدأ يحشد ، وانه يحاول شراء الصحافيين بالعلاقات الشخصية ، وكأن رمي السهام باتت عادة يومية.

هكذا طريقة في النقد تذكرني بقصة رجل وزوجته وحصانه ، فقد مشى الزوج واركب زوجته على الحصان ، فقال الناس انظروا للزوجة قليلة الادب تركب الحصان وزوجها يمشي ، فأضطر الرجل ان ينزل زوجته ويركب هو ، فقيل انظروا للرجل القاسي يركب وزوجته الناعمة تمشي مرهقة ، فأضطر الرجل ان ينزل ويمشي هو وزوجته ، فقيل انظروا لقلة الحكمة ، يمشيان ويتركان الحصان ، فأضطر الزوج ان يركب هو وزوجته معاً على الحصان ، فقيل انظروا لقسوة البشر لايرحمان الحصان ويركبان معاً عليه.

الرئيس ليس كائنا مقدساً ، ولاحكومته كذلك ، غير ان النقد يجب ان يكون موضوعياً ووفقا لاسس غير متقلبة.النقد في مكانه من فضة.وفي غير مكانه مثير للتساؤلات.هذه طريقة تريد ان تدب الصداع في رأس الرئيس وحكومته والناس.فأي خطوة للرئيس باتت قابلة للقراءة بأتجاهين.

وسط هذه الاجواء لاباب امام الرئيس الا ان يكمل برنامجه ورؤيته ، ويتقبل النقد الموضوعي ، اما النقد على "الطالعة والنازلة" فهو استهداف يراد منه ارباك المشهد العام فوق ارباكاته ، ويراد منه تقييد الرجل في مكتبه فلايخرج من خلف الباب ، لان رميات السهام جاهزة ، حتى لو عطس فسوف يقال ان الرفاعي عطس ولم يحمد الله.

في محطات عدة يستحق رئيس الحكومة ان يتم نقده بشكل محترم وموضوعي وبلا دوافع غيبية ، غير ان القصة تتعلق بحالة غريبة في حياتنا السياسية ، لاتريد ان تقرأ المشهد الا من زاوية يتم اعتامها عن قصد في بعض تفاصيلها.

فرق كبير بين النقد الموضوعي ، والاستهداف...أليس كذلك؟.