سقف الإعلام.. خيمة!
لا نكاد نستبشر خيرا بتقدم حقل الإعلام في وطننا خطوة واحدة، إلا لحقتنا وراءها "علقة" ساخنة توقظنا من حلم يبدو أنه مستحيل المنال.
هذه البلد يا إخوان لا ترتاح لا للإعلام ولا للعاملين فيه، هكذا لله فلله! ففي الوقت الذي نرى فيه دولا أقل حظا بالتعلم والانفتاح والتطور على الصعيدين السياسي والاجتماعي، تنجح فعليا في استقطاب مواطنيها الى تلفزيوناتها وإذاعاتها وصحفها المحلية، منطلقة من حسبة بسيطة تعتمد على احترام المواطن ورأيه وأدواته ولغته التي يتخاطب عبرها مع مجتمعه الذي يفهمه ويتفهمه، في هذا الوقت نرانا نرسب في أبسط معادلات الاتصال، ونعيد أخطاء الآخرين في هذا المجال، بالسيناريو والحوار نفسيهما.
دائما دائما تفتح محطة إذاعية أو تلفزيونية جديدة، باحتفاليات ضخمة وإعلانات واعدة وأصوات متحمسة ووجوه مستبشرة، أن القادم جديد ومختلف ونوعي وطليعي وموهوب.. يطرد موظفون، تتوقف برامج، تغلق مكاتب، تنهى عقود، وتعود الأغاني الوطنية الى الواجهة!
لماذا؟ لأن أصحاب هذه المحطات أو ملاكها، ولأسباب مختلفة بعضها مادي وآخر نعرفه جيدا، يضطرون الى بيع هذه القنوات الى آخرين، يعرفون كيف يديرون الأمور ويتعاملون معها بشكل أفضل.. "هكذا يعتقد الطرفان"!
ولأن الآخرين لا يريدون أي أثر لحقبة الماضي الفاشل حسب رأيهم، يدفعون للتخلص من كل ما أدى إليه. وأول ما يتشاطرون عليه، الموارد البشرية، من معدين ومذيعين وفنيين، على اعتبار أنهم أساس الفشل الذي لحق بالقناة واضطر أصحابها الى بيعها. غير عابئين بأخلاقيات المهنة وقوانين العمل وحقوق العاملين، الطرف الثاني في عقود عمل ما تزال سارية المفعول. وإن تجرأ أحدهم وعطل حفلة الطرد الجماعي هذه، تعرض لأعتى أنواع الإهانة والشتم والتهديد بأشياء أخرى!
هذا هو حال الإعلاميين والعاملين في حقله يا إخوان، من دون لف أو دوران. صاحب المال هو الآمر الناهي بكل شيء، حتى لو كانت خلفيته السابقة لا علاقة لها بهذا العالم. حتى إن غالبيتهم لا يجرؤون على تجربة أن يكونوا جزءا منه بالتعلم أو التدرب.
بالله عليكم أخبروني، كيف يمكن أن نرقى بإعلامنا، وخيم المعتصمين في مجاله تنتقل وتنصب من الزاوية ألف الى الزاوية باء وهكذا دواليك، بحثا عن الحق العام؟ هذا الحق الذي كان من المفترض أن يكون عنوانا تحمله هذه القنوات وتفرز لأجله برامج وندوات وحوارات مكثفة.
إنه ليحز في نفس أي صاحب ضمير، وهو يرى صحفيين ومذيعين ومراسلين وفنيين محترمين، يفترشون خيم الاعتصام، مطالبين بحق عودتهم الى أعمالهم التي حرموا منها زوراً وبهتاناً، يجدون أبواب رزقهم بين ليلة وضحاها، وهي تغلق أمام وجوههم؛ لأن صاحب "الدكانة" الجديد قرر أن يغير الوجوه!
ولكم يغيظ حقيقة أن كثيرا من المتحكمين بأدوات الخبر والرأي والفكر والثقافة والتأثير، هم ثلة ممن ينظرون الى الإعلام من زاويتهم الشخصية جدا، والتي في العادة هي زاوية ضيقة ومعيبة.. ولن أقول أكثر!
الغد