زيادة وتناقص
العراق يعلن زيادة احتياطياته النفطية المؤكدة %25 ، السفير الايطالي في عمان يفتتح مراكز طبية للاجئين العراقيين في اربع مدن اردنية.
لم تتجاوز السوريالية يوما الحد الذي تتجاوزه في المسألة العراقية. فلأجل من يرفع انتاج النفط؟ ألدفع تعويضات للاميركيين الذين تأذوا نفسيا خلال حرب العراق ، كما اوردت لنا الانباء قبل اسابيع؟ ألجيوب المحتلين ومن يمثلهم باسم العراقيين؟ أفلم يتحول بريمر الى ثري دولي بعد العراق ، لتكون حصته ، رغم ذلك اقل بكثير مما جناه سواه؟ هؤلاء العراقيون ، في الاردن وفي سواه ، يملكون بحسب حسين الشهرستاني الذي يسمى وزير نفط ، 66 حقل نفط مكتشفة ، وحقولا كثيرة لم تكتشف بعد. واحد من هذه الحقول ، حقل القرنة هو اكبر حقل في العالم.
اما الطموحات فلا تعدمها حكومة العراق ، تريد ان ترفع رقم الاحتياط الى 143 مليار برميل كي تتوصل الى تعديل حصتها لدى اوبيك. وتريد ان تنافس السعودية وايران ، في حين تتنافس جميع شركات النفط العالمية على الحصول على عقود تنقيب ، ويعلن الخبراء ان الاحتياطي الكامن هو اكثر بكثير مما كان معلنا عنه في السابق.
وهنا يتوقف المرء امام هذه الملاحظة: لماذا كان يعلن في السابق عن كميات اقل من الحقيقية؟ ألأن العراق لم يكن يمتلك القدرات التكنولوجية كما يقولون الان؟ ام لان القيادة العراقية كانت تعرف الاطماع التي ينسكب لعابها امام نفط البلاد؟ المهم ، ان العراقي كان يتعلم مجانا ويعالج مجانا ، ويسكن بشكل شبه مجاني ، ويستهلك النفط والكهرباء - عصبي الحياة الحديثة - دون حساب. حتى اذا جاءته الديمقراطية وصلت الامية الى %28 بعد ان كانت صفرا ، واصبح مضطرا الى ان يشتري النفط سعر يفوق اسعار الدول المستوردة ، عدا الوقوف ساعات في طوابير على محطات التوزيع ، اما الكهرباء فله ان يحلم بها في ايام الحر القائظ الذي لا يحتمله بشر. الاسوأ انه اصبح مشردا خارج سكنه وبلاده ، وبات يحتاج الى منة من السفارة الايطالية التي شارك جيشها في احتلال بلاده وتدميرها ونهبها ، لكي يتلقى علاجا اوليا لن يصل باي حال من الاحوال الى ما كان يتمتع به ايام "العهد البائد".
سنتهم باننا ندافع عن ديكتاتورية صدام حسين ، لا: فكلنا يعرفها ، ولكننا نعرف ان هناك ما هو قابل للاصلاح وهناك ما هو غير قابل. هناك اخطاء في نظام البعث ، كان لا بد من معالجتها والتصدي لها بقوة ، ولكن كانت هناك مكتسبات حضارية لم يحققها اي نظام في العالم الثالث وليس في العالم العربي فقط.
فهل لم يكن بالامكان القيام بضغط اصلاحي للتغيير باتجاه اكثر ديمقراطية مع الحفاظ على المكتسبات الوطنية التي لم تبدأ بحكم صدام وانما تحققت على يد اجيال من العراقيين.
هل كانت ثورة داخلية عراقية ستكلف البلاد جزءا في المئة مما كبدها اياه الاحتلال بشريا وماديا ، هذا عدا كلفة فقدان السيادة التي لا تعوض ولا تقارن باية خسارة اخرى.
ألم تكن هذه السيادة ثابتا اساسيا يتقدم على كل شيء هو ان العراق للعراقيين ، بكل ما تعنيه ترجماتها: وطنية سياسية واقتصادية وثقافية. والان ، لم يعد العراق للعراقيين الا لامرين وحيدين مسموح بهما:
الاول هو التقاتل حتى الافناء في اغرب عملية ابادة جماعية تمارس في المنطقة ، وعلى خطين مزدوجين: خط العدو المحتل وخط التقاتل الداخلي المدعوم من الاحتلال.
اما الثاني فهو امتلاك سلطة توقيع معاهدات يضعها الاميركي ، لتتحول بتوقيع من وضعهم في السلطة الى عهود ملزمة لاجيال قادمة. معاهدات تبدأ بالسياسي والامني لتصل الى مربط الفرس الاقتصادي ، حيث يتحقق حلم السيطرة العولمية على اضخم ثروة يمتلكها بلد في العالم.
وبذا لا تكون عملية تجهيل وتجويع العراقيين مجرد مسألة تلقائية ناتجة عن عدم الاستقرار وانما هي مسألة منظمة ، للحؤول دون استعادة هذا الشعب لسلطته على ارضه وثروته وقراره.
الدستور