رجائي المعشر.. مايسترو الاقتصاد وضابط جودة القرار
بعد ان غاب عشرين عاما عن العمل الرسمي تفاجأ الكثير من المراقبين بدخوله عضوا في وزارة سمير الرفاعي الاولى التي شكلها قبل عام تقريبا, ليتبين في النهاية ان مرجعيات عليا اصرت على اشراكه بالحكومة الجديدة حينها لعدة اسباب, اهمها اعادة الاعتبار للعمل الرسمي والخدمة العامة التي شابها الكثير من الاختلالات وفقدت بريقها وهيبتها السابقة.
الدكتور رجائي المعشر بحضوره السياسي والاقتصادي والاجتماعي يغادر اليوم حكومة الرفاعي الابن بعد عام من العمل كنائب للرئيس ادار خلالها ملفات كاد بعضها يهوي بالحكومة وشعبيتها لولا تدخلات اللحظة الاخيرة.
وجود المعشر في الحكومة الاخيرة بجانب زملائه الوزراء الشباب وازن في عملية اتخاذ القرار من خلال وضعه كوابح فرملة لسرعة بعض القرارات وخففت من تداعيات البعض الاخر, وكان حضوره واضحا في المشاهد العامة كافة, واداؤه لا غبار عليه في الدفاع عن سياسات الحكومة, وهو ما تسبب في بعض الاشكاليات لدى بعض الوزراء ومسؤولي الديجتال الذين اخذوا يتهامسون في اذان بعضهم : لا يوجد غير المعشر , عبارة كانت تقلق اي مراقب لمشاهدته الاداء الرسمي الحكومي الذي وقع في مطبات خطيرة لكن سرعان ما يتغير الشعور نحو التهدئة بمجرد ظهور المعشر الحكيم لاعادة الامور الى نصابها وضبط ايقاع سياسات كادت ان تخرج عن مسارها وتلقي بظلالها على الحكومة.
الملفات كثيرة التي تدخل بها المعشر, وكانت وظيفته منذ اليوم الاول لتوليه منصب نائب الرئيس هو ضابط جودة العمل الرسمي والقرارات الوزارية, وهذه المهمة لم تكن سهلة, فالحكومة ورثت كما هائلا من الاختلالات التي عصفت بمهام العمل العام في مختلف الوزارات.
على الصعيد الاقتصادي كان المعشر الاقرب للمشهد العام والحاضر لما يدور في الاقتصاد من تغيرات وتطورات متسارعة من خلال رقابته واطلاعه عن كثب اثناء ترؤسه للجان المالية في مجلس الاعيان, فكانت المهمة الاولى توحيد اليات العمل الاقتصادي وازالة التشوهات في المنهج الذي كان يعتمد في السابق على اجتهادات شخصية بعيدة عن العمل المؤسسي. هنا كانت البداية في ضبط موازنة الدولة واعتبارها برنامج العمل الوحيد والذي لا يعلوه اية برامج, فلا خطط او برامج بموازاة الموازنة, فهي التي يقبع تحتها كل البرامج, فلا مشاريع او انفاق خارج ما هو مرصود في الموازنة, ولا مشاريع رأسمالية دون دراسة او تحقيق القيمة المضافة الحقيقية للاقتصاد, والواقع ان هذه العملية كانت بحاجة الى مايسترو لضبط ايقاع وزراء اعتادوا على الانفاق دون الاخذ بعين الاعتبار ظروف الموازنة الحقيقية, وقاد ابو صالح منذ اليوم الاول للحكومة حملة اعلامية واسعة تشرح بشكل تفصيلي وضع مالية الدولة واستمع للحلول المطروحة لمعالجة الوضع.
حتى في عمليات زيادة ايرادات الخزينة فقد اعد المعشر سلسلة قرارات حاول قدر الامكان الابتعاد عن الطبقتين الوسطى والفقيرة مثل قانون الضريبة وتعديلات قانون الاراضي والرسوم على البرك الموجودة في المنازل وزيادة مخصصات المعونة الوطنية وصندوق تعليم الطلاب في الجامعات وتوفير بطاقة مدعومة لنقلهم وزيادة المساحات المعفاة من الضرائب في الشقق, والاهم من ذلك كله ان اداء الحكومة الاقتصادي انضبط في برنامج تنفيذي محدد الاهداف والزمان.
قبلها تدخل المعشر بفاعلية في ضبط ايقاع لجان مجلس الوزراء وتخصيصها للعمل الاستراتيجي والقرارات المهمة وتجنيبها مشقة ضياع الوقت في دراسة امور روتينية ومواضيع ليست محل بحث من الوزراء بل من الموظفين الفنيين بالدرجة الاولى.
اما على صعيد الملفات الاخرى التي ادارها المعشر, فكانت نتائج تدخلاته ايجابية في مراحلها الاولى, لولا عنجهية البعض في افشال تلك النجاحات وعودة الامور الى ساعة الصفر كما حدث في ملفات قضايا المعلمين وعمال المياومة والمتقاعدين.
المعشر لم يأت بجديد خلال توليه منصبه كنائب للرئيس, انما اعاد الامور الى نصابها, فلا قرارات تخرج خارج رحم مجلس الوزراء ولا توجد ميزانية غير الموازنة العامة ولا انفاق دون وجود مخصصات مالية, ولا اداء اقتصاديا بعيدا عن برنامج التنفيذ للحكومة, ولا فهلوة في التوقعات, بمعنى ان هناك مؤسسية في ادارة العملية الوطنية تم ارجاعها الى رحم الدولة, فارسها مايسترو الاقتصاد الدكتور رجائي المعشر ضابط جودة الادارة الحكومية والقرارات الرسمية, فهل ستحافظ الحكومة الجديدة على هذا الانجاز ?
span style=color: #ff0000;العرب اليوم/span