دعم الصناعة الوطنية

دعم الصناعة الوطنية
الرابط المختصر

بدأ مستثمر في قطاع الصناعات الغذائية بتفكيك مصنعه في احدى محافظات المملكة والانتقال الى دولة خليجية مجاورة, وعند الاستفسار عن اسباب قيامه بهذا العمل قال انه لم يعد قادرا على المنافسة في ظل الاوضاع الاقتصادية الراهنة وارتفاع تكاليف الانتاج التي افقدته القدرة على تصريف منتجاته باسعار معقولة.

ليس غريبا ان نسمع مثل هذا القول حاليا خاصة اذا ما علمنا مدى الاغراءات والحوافز التشجيعية التي حصل عليها المستثمر في الدولة الخليجية الشقيقة, ويكفي انه حصل على سعر زيت الوقود بسعر 21 دينارا للطن الواحد بينما كان يحصل عليه بالاردن على سعر 520 دينارا على اقل تقدير, ناهيك عن منحه اكثر من ستة الاف دونم لاستغلالها بايجار رمزي مقداره دولار للدونم مع امكانية منحه مساحات اضافية من الاراضي حسب حاجاته الاستثمارية اضافة الى سهولة الحصول على العمالة المدربة وباسعار منافسة وتسهيلات جمركية وضريبية متنوعة, كل هذه الاسباب دفعت المستثمر المحلي الى اللجوء للجوار للنهوض بصناعته التي تستحوذ الطاقة على حوالي 20 بالمئة من تكاليف الانتاج, وقس على ذلك باقي الصناعات الوطنية التي تعاني من منافسة شديدة للغاية اثرت على قدرتها التوسعية من جهة, وتراجع حاد في انشطتها التسويقية من جهة اخرى.

ارتفاع اسعار الطاقة العالمية رتب اعباء مالية وتكاليف جديدة على الصناعيين, واجزم انه لا يستطيع اي صناعي مهما كانت ملاءته المالية قوية ان يجاري ارتفاع اسعار النفط العالمية التي تنعكس على الانتاج والنقل والاجور والسلع والتأمينات وغيرها من الامور التي تزداد يوما بعد.

بعض الصناعيين لجأوا منذ اشهر قليلة الى استيراد الات جديدة لمصانعهم تعتمد على الغاز العربي, وقد كلف بعضهم ذلك اكثر من 80 مليون دولار, الا ان هذا الامر ما زال يواجه صعوبات بالغة بسبب عدم رغبة الجانب المصري بتزويد الاردن بكميات اضافية من الغاز باسعار تفضيلية, والمفاوضات بين الاردن ومصر منذ اشهر على حالها من دون تقدم حقيقي يذكر, الامر الذي رتب خسائر كبيرة على الصناعات الاردنية التي حلمت باسعار طاقة مخفضة مع وجود خط الغاز العربي وامتداده من جنوب المملكة الى شمالها.

مهما قدمت الحكومة من دعم غير مباشر للصناعيين مثل اعفاء مدخلات الانتاج او اعفاء ارباح الصادرات من الضريبة وغيرها فلن يكون ذلك مجديا للصناعات الوطنية اذا لم يكن هناك برنامج وطني لدعم الصناعيين فيما يتعلق بالطاقة, واجزم ان هذا الموضوع بات اليوم مستحيلا على الخزينة التي تعاني من اسوأ عجز مالي منذ سنوات بسبب ارتفاع اسعار النفط, وبالتالي فان تنافسية القطاع الصناعي في الوقت الراهن والحفاظ على ديمومتها باتت على المحك خاصة مع الاغلاق "القسري" للسوق العراقية امام السلع الاردنية بسبب تداعيات الوضع الامني المتدهور هناك, علما ان جزءا كبيرا من الصناعات الوطنية اقيمت اصلا للتصدير للسوق العراقية.

في ضوء المعطيات الراهنة ومحدودية الموارد المالية للحكومة يجب التركيز على اعادة تقييم المساعدات الخارجية المقدمة للمملكة من حيث دراسة امكانية توجيه جزء منها بقدر ما تسمح به الظروف نحو دعم مباشر للصناعات من خلال التأسيس لصندوق دعم خاص للطاقة شريطة التزام تلك الصناعات بعدد من المعايير الرسمية المتعلقة بالتصدير والتشغيل للاردنيين.

العرب اليوم

أضف تعليقك