خطاب الموازنة

خطاب الموازنة

لم يكشف سرا وزير المالية في خطاب الموازنة حين عبر عن رؤيته للواقع الاقتصادي الذي تناوله بشفافية, لم يكتف الوزير بما جاء في خطاب الموازنة, فقد تناول مزيدا من المعلومات مع اللجنة المالية, وكأنه يقدم جردة حساب للوضع المالي والاقتصادي الذي تمر به البلاد, ولسان حاله يقول هكذا استلمت حكومتنا - الوضع المالي والاقتصاد والمديونية - دون رتوش, وبغض النظر عن الدوافع, وان كنت أتمنى أن تكون الشفافية نهجا جديدا للحكم في بلادنا, في كل الأحوال الوضع الاقتصادي لا يسر صديق بدءا من استمرار حالة الركود الاقتصادي, إلى العجز المتفاقم للموازنة, وارتفاع معدلات التضخم, وتفاقم مشكلة البطالة, إلى استمرار تراجع الحساب الجاري لميزان المدفوعات نتيجة انخفاض عائدات المغتربين الأردنيين في الخارج, وتراجع إيرادات السياحة, إضافة الى تراجع معدل نمو الصادرات, وأثر كل ذلك على انخفاض احتياطيات المملكة من العملات الأجنبية, حيث تؤدي هذه السياسات إلى تفاقم عجز المديونية التي تجاوزت قانون الدين العام. وهنا لا بد من التأكيد ان هذه النتائج التي وصل اليها الاقتصاد الأردني ان كان بعضها ناجم عن الأزمة العالمية, إلا ان الأسباب الرئيسية تعتبر ثمرة السياسات الاقتصادية والمالية للحكومات المتعاقبة.

الاستنتاجات التي توصل إليها خطاب الموازنة لا تنسجم مع المقدمات, تناول الوزير الظروف الدولية التي تعكس تأثيرها على الوضع المحلي يشير "يتزامن تقديم هذه الموازنات مع وضع غير مسبوق لأداء الاقتصاد العالمي والاقتصاد الإقليمي ومع حالة غير مسبوقة من التوتر وعدم اليقين في المنطقة العربية... وقد ينتج تباطؤ اقتصادي اكبر في الدول الأوروبية قد تنعكس اثاره أيضا على أداء الاقتصاد الوطني. وعلى الرغم من هذا الوضوح لتوقعات العام القادم, وأزيد أن منطقة اليورو ستشهد حالة انكماش اقتصادي في بداية العام القادم وستعاني اقتصادات الدول المحيطة من الركود. وسينعكس ذلك على أزمة الديون السيادية ليس في أوروبا وحدها بل وفي الولايات المتحدة الأمريكية, ومعظم دول العالم.

- رغم ذلك تعلن موازنة الحكومة عن نمو في الإيرادات المحلية بحوالي 12.6% حوالي 551 مليون دينار, علما ان العام الحالي 2011 لم تحقق الإيرادات المحلية سوى 3%, حوالي127 مليون دينار, لم يوضح الوزير كيف تتحقق زيادة النمو في عام 2012 على الرغم من إجماع المراقبين ان صورة الوضع الاقتصادي في العام القادم قاتمة. الا اذا كانت الحكومة ستغطي أكثر من 400 مليون دينار عن طريق زيادة الضرائب.

- يقول خطاب الموازنة إننا سنصوب الأخطاء التي وقعت في المرحلة الماضية بهدف تحقيق العدالة الاجتماعية, من المعروف ان من بين الأخطاء التي وقعت صدور قانون ضريبة الدخل المؤقت, الذي خالف الدستور, وخفض الإيرادات من القطاعات المصرفية والاتصالات وكبار التجار, ولم يستند الى مبدأ الضريبة التصاعدية, حيث تنص المادة 111 من الدستور الأردني لا تفرض ضريبة او رسم إلا في قانون.. وعلى الحكومة ان تأخذ في فرض الضرائب بمبدأ التكليف التصاعدي مع تحقيق المساواة والعدالة الاجتماعية وان لا تتجاوز مقدرة المكلفين على الأداء وحاجة الدولة إلى المال. لم نسمع من الحكومة اي تعليق حول قانون ضريبة الدخل, لكنها أعلنت بوضوح انها بصدد فرض ضريبة مبيعات على حوالي 260 سلعة معفاة او رفع النسبة عن بعض السلع.

- قلل خطاب الموازنة من أهمية آثار تراجع احتياطات البلاد من العملات الأجنبية, علما ان الوضع أصبح غير مطمئن, فاستمرار حالة التراجع تشكل خطر حقيقيا على تآكل احتياطات البلاد من العملات الأجنبية, وعلى الحكومة الانتباه من الوقوع في فخ استغلال ارتفاع سعر الفائدة على الدينار مقارنة بالدولار وبحكم ربط سعر الدينار بالدولار الأمر الذي يشجع بعض المواطنين العرب الإقبال على شراء الدينار للحصول على نسبة فائدة اعلى, هذه العملية تظهر نتائج ايجابية بزيادة احتياطيات البلاد من العملات, وأي تغيير يطرأ على علاقة الدينار بالدولار تحدث المفاجئة بسحب الودائع واستبداله بالدولار, الأمر الذي يعرض الاحتياطات إلى مخاطر كبيرة.

- خفضت الحكومة دعم المواد التموينية بحوالي 270 مليون دينار, وخفضت المساعدات الاجتماعية 89 مليون دينار, والإعانات 40 مليون دينار في المقابل ارتفعت مخصصات رئاسة الوزراء ومجلس الأمة, وعدد من الدوائر الحكومية بما في ذلك الجهاز العسكري.في حين يعلن وزير المالية ان 15% من الموازنات تذهب هدرا ويعرف الهدر بالفساد المالي والإداري, كان يفترض ان تخفض الحكومة نسبة 15 % من النفقات العامة التي تذهب هدرا, على ان تضع رقابة صارمة على هذه المؤسسات لتوفير الاموال. بدلا من تخفيض مخصصات دعم المواد التموينية.

- خرقت الحكومة قانون الدين العام الذي ينص على ان لا يتجاوز الدين الداخلي والخارجي عن 60% من الناتج المحلي الإجمالي, وصلت المديونية 65%, وبدلا من العمل على تخفيض المديونية اعتبر الوزير الخطأ في القانون وليس ارتفاع المديونية تمهيدا لتعديله.

العرب اليوم

أضف تعليقك