حل النواب بعد انهيار شعبيته
صوّت النواب البارحة على براءة مسؤولين سابقين،على خلفية ملف الفوسفات،وهي ليست اول براءة يصدرها مجلس النواب،اذ سبق ان منح البراءة لمسؤولين اخرين في قضايا اخرى.
انقسمت ردود الفعل الشعبية ازاء مافعله النواب،فالمجلس النيابي بدأ يتعرض لحملة غير مسبوقة شعبيا وسياسيا،لانه منح البراءة لاسماء محددة،والواضح ان مجلس النواب الذي كان يسعى لرفع شعبيته،عاد الى الوراء الاف الكيلومترات،لان موجة التشكيك بموقفه هي الطاغية على كل شيء،وهي موجة تأتي وقد سبقتها موجات اخرى.
لعل السؤال المطروح اليوم بقوة يتعلق بعدد النواب الذين سيعودون الى النيابة مرة اخرى في حال اجراء انتخابات نيابية مبكرة،والواضح ان الاغلبية لن تعود الى مجلس النواب،لان الشارع يأخذ على النواب قضايا عديدة ابرزها منحهم الثقة لكل الحكومات العابرة،وقيام المجلس بتبرئة اي مسؤول يتم اتهامه،بالاضافة الى قضايا اخرى كثيرة.
بهذا المعنى بات النواب يعانون اليوم بشدة من غياب شرعيتهم،وفقدانهم لتأثيرهم على الشارع،حتى لو قال خبراء ان من حقهم منح البراءة لمن يرونه بريئا،ومن حقهم التشكيك في تقرير لجنة تحقيق الفوسفات،الا ان الارتداد النهائي لمواقف النواب،يقول ان شعبيته باتت في ادنى درجاتها،ولايمكن الاستمرار به مطولا،امام الناس،وسنرى بأم اعيننا ارتداد سمعة النواب على الحراكات،التي كانت تطالب بحل النواب،وستشتد مطالبها اليوم،نحو ذات النقطة،ان لم يكن سقفها الاعلى.
هذا ماقيل سابقا.اذ ان توظيف النواب في فترات سابقة،في محاباة الحكومات،ومنحها الثقة،وغير ذلك من قضايا،اتكأ على انتخابات مغموز من قناتها،سيولد حالة من عدم الثقة ازاء المجالس النيابية،في الشارع،ليبدو بشكل ساطع ان حرق النواب في مهمات عاجلة،سيؤدي الى الاضرار بذات المؤسسة التشريعية وحاجة البلد لهذه المؤسسة قوية ومؤثرة.
لانناقش هنا،صدقية التبرئة،من عدمها،والناس ينقسمون ازاء المشهد،لان هناك من يعتبر ان تقرير الفوسفات كان موفقا وذكيا ودقيقا،وهناك من كان يراه غارقا في اخطاء فنية،واشكالات سياسية،قائمة على استنتاجات غير عميقة،ومابينهما،فأن الاهم دراسة شعبية مجلس النواب،وماتبقى منها،بين الناس،والعمر الافتراضي المتبقي للمجلس الذي بات بنظر الاغلبية قليلا،ومجروحا ايضا بقضايا كثيرة.
مجلس النواب،ايا كانت مواقفه بات بمثابة عبء على الناس والدولة،ولابد من رفع هذا العبء،لان الناس باتت تختلف حوله وحول شرعيته،ولااحد يعرف كيف يمكن ان يقر مجلس نيابي مختلف عليه الى هذه الدرجة قانونا للانتخابات،وبقية القوانين المتعلقة بالاصلاح السياسي،خصوصا،ان المطاعن الشعبية في المجلس باتت لاتعد ولاتحصى،هذه الايام؟!.
لابد من حل مجلس النواب،سريعا،بعد ان ينهي مهماته المتبقية الاساس،وان تتم الدعوة لانتخابات مبكرة،وتحديد موعدها نهاية هذا العام،لان المجلس بات مرفوضا شعبيا،وغير مقبول،وباتت سمعته مطعونة،حتى لو اقسم نوابه الف مرة بصدق نياتهم،فما هو مهم مايجري على ارض الواقع وكيف ينظر الناس الى مجلس مغموز من قناة بعض نوابه،ومغموز من مواقفه،تجاه الحكومات،وتجاه ملفات التحقيق،وتجاه عمليات التصويت،بحيث لايمكن الاستمرار به وسط هكذا ظروف،وعبر هكذا صورة استهلكت سمعة المجلس،واجلسته في العتمة؟!.
مجلس النواب الحالي تفرد عن غيره من المجالس النيابية بسرعة الاحتراق،جراء الملفات التي واجهته،وسنقرأ مرة ثانية موجة الردود الشعبية،وبدء ذات النواب لحملة تنصلهم من قرارهم البارحة،عبر رمي المسؤولية على غيرهم،والايحاء بكونهم كانوا مضغوطين ليس اكثر،وهذا نمط آخر من انماط قلة المسؤولية التي ستزيد من نفور الناس من النواب،الذين اوصلوهم للدفاع عن البلد وحقوق الناس،لا الهبوط ارضا،مع كل عاصفة رملية تهب على وجوهنا.
span style=color: #ff0000;الدستور/span