حكومة الرفاعي بعد وزراء التأزيم
خرج وزراء التأزيم ، من حكومة الرفاعي ، في تعديل مباغت وسريع ، وفي التعديل "اقرار فني" من الرئيس بأن كل ازمة ولدّت لعنة لاحقت صانعها حتى النهاية.
خروج وزراء الزراعة والتربية والتعليم والعدل ، خروج يثبت ان الأزمات التي صنعها هؤلاء ، كانت ثقيلة ، فوزير الزراعة السابق دخل في مجابهات مع عمال المياومة ، وجاء فوقها فساد في وزارته ، ووزير التربية والتعليم دخل في مواجهات مع طلبة التوجيهي ونصف عائلات الأردن ، وفوقهم جاءت عواصف المعلمين ، ووزير العدل دخل في مواجهات مع القضاة والمجلس القضائي.
رئيس الحكومة كان نفى في وقت سابق ، وجود نية لتعديل على طاقمه ، ثم قال مرة اخرى ان التعديل بعد الانتخابات النيابية ، وفي تصريحه الأخير مايشي بأنه واثق انه سيذهب ويقف امام مجلس النواب ، غير ان رئيس الوزراء اختار توقيتاً هادئا للتعديل ، حتى لايأتي تحت مطارق الرأي العام ، ومطالبات النخب التي تريد تقصير عمر حكومته ، توقيت الرفاعي جاء والناس يقولون إن الوقت الفاصل عن الانتخابات لم يعد يسمح بتعديل ، وهو على هذا تعديل صاعق ، ومباغت ، وربما يقول: إن عمر الرفاعي في الدوار الرابع طويل.
المراهنة على خروج نائبي الرئيس رجائي المعشر ، ونايف القاضي ، مراهنة جاءت خاسرة ، فقد بقي الرجلان ، ولايمكن القول هنا ان ضغوطا مورست بحقهما للبقاء ، لان لاضغوط في مثل هذه الحالات ، تجبر اي شخصية على البقاء ضمن طاقم حكومة لايريدها ، لان هناك من راهن على انفراط عقد الحكومة من هذه الزاوية ، باعتبار ان المعشر والقاضي هما "الركن اليماني" في الحكومة ، وايا كانت تبريرات بقاء الرجلين ، فقد قلب بقاؤهما حساباتْ كثيرة ، وجعل المراهنة غير واقعية.
اراح الرئيس الرأي العام من متابعة تفاصيل التعديل ، واختصر على البلد ، كلفة تداول الاسماء والدلالات ، فكل القصة تبلورت تنفيذيا ، بموافقة ملكية بطبيعة الحال ، واستعداد على مدى ايام ، وعدم تسرب اخبار التعديل الا عند اجرائه اراح الرئيس من جهة ثانية ، من المكاسرات والتشويش والضغوط ، لتوزير هذا او ابقاء ذاك ، وهو ايضا تعديل فني بالدرجة الاولى ولايمكن قراءته سياسيا ، الا من زاوية تقول: إن الرئيس قوي ، ويحتمل كل الملاكمات دون ان يعود الى الوراء ، تحت وطأتها.
شعبيا ، لايعني التعديل اي شيء ، فما يهم الناس هو لقمة الخبز ، وعدم توليد الأزمات ، وقياس قيمة التعديل واهميته ، يخضع لاختبار الأيام المقبلة ، حتى نتأكد من قدرة الوزراء الجدد على تهدئة ملفاتهم ، وحل المشاكل المتفجرة التي تمت وراثتها .
فرصة الرئيس الذهبية أن يثبت أن ازمات حكومته كانت من صنع بعض الذين كانوا حوله وحواليه ، وهذا يعني ان التعديل سيكون فاصلا وحاسمًا ، في مغزاه ودلالالته ، والقدرة على الاستفادة منه.
التعديل كان مثل لكمة الملاكم الخاطفة والسريعة التي ادت الى "سكتة قلبية" لكثيرين.