حصار الأردن

حصار الأردن
الرابط المختصر

التقدم المفاجئ الذي حققه في العراق تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام"، والمعروف باسم "داعش"، وأربك جهات عديدة في العالم قبل العراقيين، يعني الكثير بالنسبة للأردن. فالتنظيمات الإسلامية المتطرفة لا تتقدم هذه المرة في أفغانستان ولا في نيجيريا، إنها تفرض سيطرتها على تكريت والفلوجة، على بعد بضعة كيلومترات من الحدود الشرقية للأردن. وفي الشمال يكاد تنظيم "جبهة النصرة" الذي تتبناه "القاعدة"، يقترب من الحدود الشمالية، وله سيطرة واضحة في درعا وجوارها في سورية.

هناك نظريات متعددة تحاول تفسير ما حدث في العراق منتصف هذا الأسبوع؛ تتراوح بين المناورة السياسية وبين حصاد التهميش الطائفي. لكن المهم بالنتيجة أن العراق المفكك، والذي يعد أسوأ مكان للعيش في العالم، ويشهد منذ عشر سنوات أكبر معدل قتل وتفجيرات، سوف يدخل في حلقة أكثر ظلامية من الاقتتال والعنف، علاوة على الإرباك السياسي الذي بات يضرب في دوائر صنع القرار وفي النخب السياسية.

تفرض هذه التطورات تحديات جديدة على الأردن، وتضيف مصادر تهديد استراتيجي عميقة ومباشرة، تجعل البلد عمليا محاصرا من ثلاث جهات: من الشمال حيث الحرب الدائرة في سورية، واحتمالات انتقال الصراع إلى الجنوب نحو الحدود الأردنية الشمالية التي لم تتوقف حالة الطوارئ فيها منذ أكثر من ثلاث سنوات، وتنتشر حولها مخيمات لمئات اللاجئين. وهناك الحدود الشرقية مع العراق، المؤهلة اليوم لسيناريو جديد قد يحمل لاجئين جددا أو تهديدات أمنية، أبسطها محاولات تسلل جماعات من "داعش" إلى الداخل الأردني. يضاف إلى ذلك الحدود مع إسرائيل، واحتمالات استثمار هذه الأخيرة للأوضاع الراهنة في المنطقة، كما الانسداد في أفق المفاوضات، ومن ثم الإقدام على خطوات أحادية؛ مثل ضم بعض المناطق في الضفة، والتخلي أو الانفصال عن مناطق أخرى، أو القيام بأعمال احادية تحضر لها منذ سنوات في القدس المحتلة.

الاحتمالات العراقية مفتوحة على تصورات مرعبة، تتجاوز حالة الهوان التي يعيشها هذا البلد منذ سنوات؛ منها احتمالات الدخول في حرب أهلية طائفية، بعد تهديدات "داعش" بالوصول إلى بغداد وبعض المدن الشيعية، قابلتها تهديدات باستعادة المليشيات الشيعية التي حل بعضها، ومن ذلك تهديد مقتدى الصدر بعودة جيش المهدي. الأهم أن تنظيم "داعش" بعد هذه الجولة لم يعد كما هو عليه قبل أسبوع؛ فقد استولى على أسلحة أميركية متقدمة تركها الجيش العراقي من دون قتال، كما خرج (التنظيم) بأكثر من نصف مليار دولار استولى عليها من بنوك الموصل.

على الرغم من احتمالات تداعيات متعددة لاشتباك جديد يربط الجبهة السورية بالجبهة العراقية، ويجر الداخل اللبناني إليه، ويجعل الحدود الأردنية والسعودية عرضة لعمليات عسكرية، إلا أن ثمة ضوابط بدأت تتحرك خلال الساعات الأخيرة لكبح جماح تقدم "داعش"، ولكن لن توقفه مباشرة، ما يدفع الأردن إلى التفكير الجدي بموجة لجوء جديدة قد لا تقل خطورة عن التهديدات التقليدية.

الغد

أضف تعليقك