حسنا فعلت الحكومة

حسنا فعلت الحكومة
الرابط المختصر

حسنا فعلت الحكومة بتحملها مسؤولية انقطاع المياه والكهرباء عن مناطق عديدة في المملكة خلال موجة الحر الاخيرة, لتتجاوز بذلك بعض التصريحات المقلقة لوزراء التويتر الذين تنصلوا من مسؤولياتهم تجاه ما حدث.

الجولة الميدانية للوزراء برئاسة نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية نايف القاضي في محافظات الشمال امس الاول وان كانت متأخرة إلا انها في غاية من الاهمية لتعزيز التواصل بين الحكومة والمواطنين من جهة, والاطلاع المباشر على المشاكل التي عصفت بالامن المعيشي للاردنيين من جهة اخرى.

العمل الميداني والجولات في المحافظات احدى اهم الوسائل التي افتقدتها الحكومة في الاونة الاخيرة خاصة مع اشتداد الازمات المعيشية, وباستثناء وزيري الصناعة والمياه اللذين قضيا اغلب وقتهما في الميدان, كان معظم السادة الوزراء يتابعون قضايا الوطن عبر وسائل الاعلام فيما كان البعض الآخر منشغلا باللعب على التويتر للتعارف على اصدقاء جدد.

الحكومة وعلى لسان القاضي اعترفت بتحملها مسؤوليات الاعطاب التي اصابت شبكتي المياه والكهرباء وتعهدت بحلول سريعة لتجاوز الازمة, وهو سلوك يرتقي لاخلاقيات المنصب العام الذي يبقى اولا واخيرا مسخرا لخدمة المواطن.

الاقتراب من المواطنين من خلال الجولات والتواصل معهم حيث تجمعاتهم, يساهم ايجابا في زيادة التلاحم بين المواطنين والحكومة, حيث ان تلك العلاقة تشهد فتورا يوما بعد يوم بفعل سلوكيات مقلقة لوزراء لم يعتادوا على الخدمة العامة بقدر ما تعاملوا مع زبائن في الشركات التي عملوا بها ثم ودون مقدمات تساقطوا على المجتمع بالبراشوت وزراء ومسؤولين في اعلى المستويات.

إدارة ازمة الكهرباء والمياه والاسعار تدلل على ضرورة ان يكون للحكومة دور مهم في المعادلة السوقية للمجتمع, وان نظرية تخليها لصالح القطاع الخاص امر له آثار سلبية اكثر منها ايجابية في الازمات, فالحكومة التي تدير الشأن الاقتصادي من خلال الرقابة والتشريع تبقى الفيصل في التنازع الذي يتطور في المجتمع بين الاردنيين وارباب العمل في الشركات التي جرى خصخصتها, وثبت فعليا ان خدماتها بقيت عند مستوياتها السابقة, مما يعزز قاعدة ان الخصخصة في الاردن كان هدفها البيع وجني الاموال بسرعة اكثر من ان تكون منهجا للتطوير وزيادة الانتاجية وجلب تكنولوجيا حديثة.

الازمة الاخيرة تعطي اشارات هامة للحكومة ان العمل الميداني يبقى اداة رسمية هامة في تقليل فجوة الاحتقان الحاصلة في المجتمع, لذلك فان المطلوب ان تتعزز القناعة لدى السادة الوزراء بان العمل الميداني هو منهج حواري وعملي بين الحكومة والمواطنين, وان يتم مأسسة هذا المفهوم لا ان يهرعوا الى التويتر في التحاور مع المجتمعات العالمية في قضايا رسمية.

المراقب لما يدور في الساحة الداخلية يتأكد على الدوام ان اشتداد حالة التأزيم للمشهد الداخلي سببه الاول والاخير الحكومة من خلال وزراء غير معنيين بالواقع الداخلي للمجتمع الاردني.