حراكات شعبية بلا رؤوس!

حراكات شعبية بلا رؤوس!
الرابط المختصر

خروج الشعوب في تونس والجزائرواليمن ، اثبت بلا شك سقوط الاحزاب في هذه الدول ، وان الانظمة العربية عليها ان تتمسك بهذه الاحزاب لمواجهة الجماهير.

تم اشغال هذه الشعوب بلقمة الخبز ، وبمفاسد الاخلاق ، وتم زرع الخوف في قلوبها ، واستنبات احزاب من رحم السلطة ، بعضها يعارض بشكل متفق عليه مسبقاً ، وبعضها يعارض بشكل ناعم جداً ، وبعضها الثالث موال حتى العظم.

وكالة الاحزاب العربية نيابة عن الشارع كانت مفيدة لهذه الانظمة ، لانها تحصر العمل الشعبي بحفنة من السياسيين ، لديهم الاستعداد دوما للمساومة والمفاوضة ، نيابة عن الشارع الساكت والنائم ، لانه تم تعويده على وجود من ينطق بأسمه.

كان خروج مسيرة بأسم حزب يضم في عضويته خمسمائة شخص ، بديلا عن خروج الشارع ، واكثر راحة للسلطة العربية ، لانها تتحدث الى "رأس واحد" وتساومه او تخوفه في حالات قليلة.

يبقى الشارع العربي غافياً غافلا ، لان من ادعت انها نخبته تتحرك نيابة عنه ، وتتبنى مطالبه ، لكنها تلعب ايضا بأسمه وبمصالحه.

الشعوب التي تم تناسيها لصالح التركيز على النخب المسيسة ، والحزبية ، استيقظت فجأة ، من نومة اهل الكهف ، وكنا نظن انهم ابتعدوا كثيراً الى الملاهي الرياضية والالكترونية ومواقع الانترنت ، وغير ذلك من انشغالات ، او داخوا تحت وطأة الفقر والبطالة والجوع.

هذه الشعوب لم تهتف ضد السلطة العربية ، بل احرجت ايضاً الاحزاب العربية ، وكشفت حجمها الاساس في الشارع ، وتصرفها السيء والمسيء بوكالة هذا الشعب او ذاك.

هذا مايفسر ان المباغتة الشعبية للسلطة العربية ولهذه القوى اربكت الانظمة واربكت الاحزاب ، معاً ، والقوى التي اختطفت الوكالة وكيفتها وصغرتها بما يناسب مصالحها ومكاسبها السرية والمعلنة من الانظمة العربية.

محاولات امتطاء موجة الشارع من جانب القوى والاحزاب والنخب التي تريد المزاحمة او اختطاف السلطة ايضاً ، ستؤدي الى نتائج سلبية فتتراجع الجماهير الى بيوتها حتى لاتقطف هذه القوى ثمرة الحراك الشعبي ، وفي حالات ستعيد التجربة انتاج نفسها.

عشرات السنين من العمل النخبوي والحزبي ، لم تؤد الى اي حراك ، كما شاهدنا في تونس وغيرها ، وانما هي الظروف العامة التي انضجت هذه الحراكات الشعبية ، لنقرأ خلفها غضب الناس على السلطة العربية ، كما هي انتهازية القوى النخبوية تريد رد الشارع الى عصمتها،.

اكثر ماتندم عليه معظم الانظمة العربية في هذه الايام ، هو السماح بخروج المارد الشعبي من القمقم ، وعدم دعمها للاحزاب بما يلزم ، حتى تبقى وكالة الشارع بيدها ، ويتم التحكم بها ، عبر نفر قليل.

هو سيناريو اقل صداعاً لهذه الانظمة من خروج الجماهير دون رأس محدد ، ودون عناوين محددة ، ودون ملفات معدة مسبقة لاحراج هذا الحزبي او ذاك ، اذا اضطروا لذلك.

الشعوب العربية لم تقل كلمتها ضد السلطة ، بل ايضا ضد احزاب الديكور التي تؤدي دوراً وظيفياً ، ويأتي السؤال المدوي:كيف ستعيد الانظمة العربية شعوبها الى عصمة النخب والاحزاب ، لتتولى المتاجرة بها ، وبكلف قليلة جداً ، مقارنة بالحراكات الشعبية المفتوحة.

بعض الانظمة العربية تعاني من ارتعاشة خوف ، ومعها ايضا الاحزاب والنخب ، التي اكتشفت ان الشعوب لاتريدها ايضا ، وتعتبرها ضمنيا جزءا من المشكلة.مشكلة الوكالة والتمثيل الشعبي عبر هكذا اطر.

اذا كانت الانظمة ترتعش ، فإن النخب ترتجف ايضاً ، لان الشعوب قالت كلمتها ضمنياً ضد الجهتين.

الدستور