حجم الثقة النيابية بالحكومة

حجم الثقة النيابية بالحكومة
الرابط المختصر

تكتمل شرعية الحكومة -أي حكومة- بحصولها على ثقة أغلبية مطلقة من النواب أي نصف+ واحد على الأقل. وقد عرف الأردن حكومة حصلت على الثقة بأغلبية صوت واحد هي حكومة الدكتور عبد السلام المجالي ، فلم ينتقص ذلك من شرعيتها. كما أن حصول حكومة علي أبو الراغب على ثقة كاسحة تزيد عن 90% لم يساعدها في الصمود لأكثر من بضعة أشهر.

لم تكن الحكومة السابقة بحاجة لأغلبية 111 صوتاً من أصل 119 ، فهذه النسبة العالية غير طبيعية وغير لازمة ، وتدل على عدم وجود معارضة فعالة في البرلمان ، وهي شرط من شروط الديمقراطية والفصل بين السلطات.

الذين قاطعوا الانتخابات الأخيرة ، ربما ندموا بعد ذلك ، لكنهم عادوا فشعروا بالسعادة لهذه النتيجة ، فقد أصبح بإمكانهم الإدعاء بأنه لا معارضة برلمانية حقيقية بدونهم.

لا ندري ما إذا كانت تلك الحكومة قد سعت للحصول على هذه النسبة الكاسحة ، أم أن الثقة هبطت عليها بغير حساب ، ولكن المؤكد أنه ليس للحكومة مصلحة في الحصول على ثقة غير عادية ، فإذا كان البرلمان ليس المكان المناسب للمعارضة فهذه دعوة لنشوء معارضة خارج البرلمان ، مما لا يخدم الحكومة ولا يخدم الديمقراطية.

يقال إن النواب الذين أعطوا الحكومة السابقة ثقة كاسحة بدون مبرر ، ودفعوا ثمناً باهظاً من مصداقيتهم في نظر الناس ، يريدون الآن أن يعوضوا عن ذلك الموقف بالذهاب بالاتجاه الآخر وحجب الثقة عن الحكومة الحالية بدون مبرر أيضاً.

مثل هذا السلوك لا يقل سوءاً عن السلوك السابق ، وسيجلب المزيد من النقد للمجلس ، فليس من الحكمة الانتقال من النقيض إلى النقيض ، والاعتدال والمنطق هما الأساس ، وكما أنه لا يجوز للنائب أن يهاجم الحكومة بعنف ثم يمنحها ثقته ، فلا يجوز له أن يمتدحها ويتغنى بالتعاون بين المجلس والحكومة ثم يحجب الثقة عنها.

ليس من حق أحد أن يقرر للنواب حجم الثقة التي يمكن إعطاؤها لحكومة معينة ، ولكن الأمر الطبيعي أن يكون هناك مؤيدون للحكومة ومعارضون لها ، فالتأييد ضروري إذا أريد للحكومة أن تستمر في تحمل المسؤولية ، والمعارضة ضرورية لإبقاء الحكومة تحت طائلة الرقابة والمحاسبة.

الرأي