حبيبتي طليانية!

حبيبتي طليانية!
الرابط المختصر

اليوم المونديال. وإلى شهر من الآن سأكونُ بمزاج متوتر؛ ربَّما لأنَّني أشجِّعُ ثلاثة منتخبات من الكبار، دفعة واحدة، تمرُّ كلها بظروف عصيبة ومرحلة انتكاسة عامة قد تجعلها تغادرُ "العرسَ" من دوره الأول، وربَّما تلتقي مع بعضها في الأدوار المتقدمة إنْ حالفَها الحظ، كما يُرافقُ الكبارَ دائما، وتعيقُ بعضها، وتوجِّه طريق الكأس الأنثويِّ التكوين.. إلى البرازيل!

لكنني سأكونُ متوترا أكثر لأنَّ منْ أظنُّها حبيبتي تبالغُ في حبِّها للطليان؛ وسأنسى أنَّ المنتخبَ الإيطاليَّ الأنيق واحد من المنتخبات الثلاثة التي أشجعها، فغيرتي الذكورية (التي هي أيضا مثل غيرة النساء.. كفعل الخنجر كما يقول كاظم الساهر) تدفعني في بعض الأحيان إلى أنْ أتمنى الفوز لـ "الديوك الفرنسية"، السوداء لأصولها الإفريقية، على أنْ يفوزَ "الأزوري" ويكونُ ذلك سببا كافيا لانتقاص رجولتي أمام السعادة، المنزوعة البراءة، التي ستبديها حبيبتي!

شديدُ الغيرة طبعي؛ ومردُّ ذلك تواضع ثقتي بنفسي أمام جاذبية الرجال الطليان، ولا يضيرني الاعتراف أنَّ هذا شعور قديم صادفته عندما بدأت علاقتي مع النساء، وكلُّ منْ سأظنها حبيبتي؛ فالأولى أسرفت في إغاظتي، حينما كنت شابا عاديَّ الوسامة رغم مواظبتي على الاقتداء بكل "تقليعات" منتصف التسعينيات، وراحت تعلن افتتانها صراحة بـ "روبرتو باجيو" طوالَ المونديال الأميركي، ولم أشعر بشيء من الثقة، إلا عندما رأيتها تبكي لبكائه حين أهدر الضربة الترجيحية الشهيرة!!

صرتُ أكثر اتزانا في الأعوام الأربعة قبل المونديال الباريسي 98، ومنحني الدوري المحلي ثقة مفرطة؛ لم يكن يهزها سوى ظهور نجم "فيصل إبراهيم"! وإنْ كانت حبيبتي في ذلك الوقت غير مكترثة بمصير أيِّ "ديربي" يجمع الوحدات والفيصلي؛ ولم تكن تعنيها النتيجة إلا بمقدار تأثيرها على حركة السير بمحيط المدينة الرياضية!

خرجَ الطليانُ يومها مبكرا، وخرجت منْ كانت حبيبتي من أجواء المونديال، وانصرفَتْ إلى حياتها الاعتيادية خالية من هموم البنات في قياس درجة رقة "سالف" دل بيرو. بدت مكسورة، فلم تعد تتعمد تكرارَ وصف صديقتها "الطائشة" للاعب فيليبو اينزاغي بأنه "نغش"!

سيخسرُ "الأزوري" في موقعة مؤلمة أمام كوريا الجنوبية في المونديال الآسيويِّ الباهت، وسأكونُ يومها وحيدا؛ مقطوعا من قلب امرأة تجهلُ قيمة الفرح عندما يكون موسميا، وليس من ضمن ثقافتها العامة أنَّ الأرض كروية!

لكنني سأكون مثخنا بالفرح، وتكون في حياتي امرأة جدية، تفرحُ بشكل موزون لظفر إيطاليا المفاجئ بالكأس العالمي العام 2006. وستمضي أشهر قليلة تتمرَّنُ خلالها على غيابي لما يُفزعها كم أبدو ضئيل البنية أمام "جيانلويجي بوفون"!!

اليوم المونديال في جنوب إفريقيا؛ وحبيبتي التي لن تكونَ الأخيرة أقلقت راحتي منذ أسبوع، تحاولُ أنْ تبدو واثقة بقدرة "الطليان" على نيل كأس العالم حتى وهم يخسرون وديا أمام المكسيك قبل أيام. كنتُ أعتقدُ أنها ستتأثر، وتحاججني في أسباب هبوط مستوى "حامل اللقب" لكنها جاءت إلى موعدنا تحمل نسخة من ملحق "مونديال التحدي" صافنة في ملامح "فابيو كانافارو" الهادئة؛ وأجلسُ معها في سيارتها "البيجو الزرقاء"!!

لن تفوزَ إيطاليا؛ وستتركني حبيبتي، وسأرفض أيَّ وضع مشابه في المونديال المقبل؛ فسأحبُّ امرأة طليانية مصقولة بالبرونز المكتسب على شاطئ من حلم في نابولي. سأختارها مبهورة بأداء المنتخب الوطني الأردني، ويزدادُ تعلقها بي حين تذكرها ملامحي بـ"رأفت علي"!