ثوبي الصحفي..!

ثوبي الصحفي..!
الرابط المختصر

لأول مرة أخلع ثوبي الصحفي الذي اكتسيت به منذ 5 سنوات في لحظة تاريخية .. و أقف بين الجموع .. وقفة فخر وعز..أردت أن أكون مواطنة من الشعب ليس إلا..  حنجرتي سبقتني للهتاف دون تردد "يحيا الشعب المصري"، " تحيا مصر"..

فبعد ثلاثين عاما من الظلم والقهر والاستبداد استطاع شعب مصر أن يحدث التغيير على الأرض، وأن يسقط نظاما استبداديا طاغيا حرمه الكرامة ولقمة العيش وهواء نظيفا خاليا من الفساد والبلطجية، ويثبت أنه "إذا الشعب يوما أراد الحياة .. فلا بد أن يستجيب القدر".

بعد أن أعلن نائب الرئيس المصري (السابق) عمر سليمان عند غروب الجمعة أن "الرئيس حسني مبارك قرر التنحي عن منصبه وتكليف المجلس الأعلى للقوات المسلحة بإدارة شؤون البلاد، لملمت حاجياتي ويممت مسرعة شطر السفارة المصرية عند الدوار الخامس، لأشارك المصريين فرحتهم بتحقيق انتصارهم بعد ثمانية عشر يوما من الصمود الأسطوري.

باحة السفارة المصرية في عمان والشوارع المحيطة بها تحولت تمام الساعة السادسة والنصف إلى ميدان للتحرير، جموع غفيرة من مختلف الأطياف احتشدت أمام السفارة، للاحتفال بنصر شعب "أرض الكنانة".. فرح هستيري حل بالمكان حناجر هتفت " دلعه يا دلعه..الشعب المصري خلعه…يا جمال قول لأبوك الشعب المصري خلعوك"..

المشهد أمام السفارة برد قارص.. رجال كبار.. شباب.. عروس بفستانها الأبيض زفت لعريسها لحظة تنحي مبارك... أطفال لم تتجاوز أعمارهم الأشهر، حضروا ولادة تاريخ جديد، تاريخ اسمه "الشعب".

رغم فرحي الجارف ومتابعتي  الحثيثة لأحداث مصر وبيانات الرئيس المتنحي الاستفزازية، والباردة أكثر من برد عمان القارص، طوال الفترة الماضية  وانشغالي بالحدث ومشاركتي بالهتافات، لم أستطع أن أمنع نفسي من تغطية الحادي عشر من شباط لعام 2011 لمؤسستي (عمان نت).. أردت أن أري جميع مرتادي الشبكة العنكبوتيه بالكلمات فرحة الأردنيين وكيفية انتقال أصداء الفرحة من القاهرة إلى عمان، أجريت مقابلات مع العديد من المواطنين الذين أكدوا أن هذا اليوم سيسجل في التاريخ وسيؤكد أن الشعب، أي شعب، مهما بدا ساكنا، يرفض الظلم والقهر مهما طال.

بدأت أدون ملاحظاتي عن "الفرح الأردني بالعرس المصري" وإذا بصوت خفي يهمس في إذني ويقطع حبل أفكاري بقوله "اسمي مكتوب!!" ابتسمت وقلت له: "لا تخف أنا صحفية!. 

اعتليت سطح إحدى العمارات وراء بعض المصورين.. كنت أرغب أن أرى الحدث بنظرة أكثر جمالية، فشهقت لضخامة العدد الذي فاق ثلاثة آلاف مشارك اجتمعوا جميعا في أقل من ساعة، كأنهم خلية نحل متناغمة، يرقصون.. يهتفون.. يتمايلون ويلوحون بأعلام مصر التي ازدانت بها الساحة والشوارع الملاصقة وعلامة النصر لم تفارق المشهد كذلك، بقيت نحو نصف ساعة على سطح العمارة أراقب مشهد الفرح العارم وسط إطلاق للألعاب النارية التي زينت سماء عمان.

هاتفي النقال له حكاية أخرى.. فهو الآخر فرح بالمهنئين الذين اتصلوا بي يطالبونني بنقل المشهد لهم، نقلتها بكلمات امتزجت بمشاعر الحبور كمن سمع صوت حبيب ينادي له من بعيد "احبك". 

أردت أن أبقى.. لأتابع من سينضم إلى خلية النحل المتناغمة لكن برودة الطقس وتجمد يداي منعاني من استكمال رسم الصورة " صورة الحرية" تركتهم وغادرت المكان.

جبت بسيارتي شوارع العاصمة قاصدة منزلي وأنا أترنم بأصوات "أبواق السيارات" و"زغاريد"  احتفلت هي الأخرى بنشوة النصر على الطغيان.. وأنا أردد "يا ثوار الأرض..".

عدت إلى منزلي، ومشاهد الفرح لا تغادرني، جلست إلى التلفاز أراقب فرح الناس هناك في مصر العروبه، وأنا أحلم  كما يحلم أبناء شعبي بحياة  أقل وطأة وأكثر رفاها وبالقضاء على الفساد المستشري بمؤسسات الدولة والتخلص من الفاسدين في بلدي الذين عاثوا بالأرض فسادا وروحي تتوق إلى اللحظة التي نبدأ فيها بإصلاح سياسي واقتصادي حقيقي "عن جد".

عمان نت

أضف تعليقك