ثم لن ينفع الندم يا حكومة

ثم لن ينفع الندم يا حكومة
الرابط المختصر

الارتياح الزائد عن اللزوم الذي تظهره الحكومة ورجالاتها في تقييمهم للحراك الشعبي غير مطمئن، ويشي بعقلية غير مرنة واهمة مثلما كان غيرها واهماً بأن ما يحدث في بلدان أخرى لا يمكن أن يحدث عندهم.

لا يجوز اختلاف التقييم لحجم وقوة الحراك الشعبي ومن يقف وراءه، بحيث ينعكس ذلك كردة فعل باردة ومتجاوزة لدرجات الاطمئنان التي ترى أن الحراك الشعبي دائماً تحت السيطرة، ولن يتجاوز المعايير الموضوعة للوصفة الأردنية لأي اعتصام أو مسيرة أو تجمّع.

وخطر جداً أن تمارس الحكومة سياسة تقطيع الوقت في ملف الإصلاح، كما قال قبل يومين عضو لجنة الحوار الوطني الصديق خالد رمضان، والأخطر أن هذا يحدث فعلاً، حيث أعلن بشكل واضح وزيرا الداخلية مازن الساكت والتنمية السياسية موسى المعايطة خلال جولاتهما على الأحزاب السياسية: "إننا غير مستعجلين في قضية الإصلاح، والأفضل أن تتم الأمور بكل بهدوء وروية".

أن تنجز مشاريع الإصلاح بهدوء فهذا فيه وجهة نظر، أما أن نقول إننا غير مستعجلين فهذا الخطر عينه، لأن الوقت كالسيف إذا لم تقطعه قطعك.

الأهم فعلاً هو الإجابة عن السؤال الذي يطرح دائماً في وجه الحكومة ورجالات الدولة الآخرين: هل هناك إرادة سياسية فعلية في قضية الإصلاح؟ وهل نحن ماضون باتجاه ترجمة الخطاب الرسمي الذي يقول إن الإصلاح أولوية؟

ما يتسرب من أروقة المطبخ السياسي أن التعديلات الدستورية باتت جاهزة، وسوف ترفع إلى جلالة الملك خلال أيام، وهي الرافعة الرئيسية في ملف الإصلاح.

لكن ما يثير الريبة مما يتسرب من معلومات أن الحكومة باتجاه تجاوز مخرجات لجنة الحوار الوطني في مشروع قانون الانتخاب إلى تبني العودة لقانون 1989، وعدم الاقتراب نهائياً من فكرة التمثيل النسبي على مستوى المحافظة أو على مستوى الوطن. وهذا التوجه تبناه الوزير الساكت في لجنة الحوار، ولم ينجح في فرضه، لكن يبدو أنه استطاع أن يقنع به الحكومة وأطرافاً نيابية مؤثرة في التشريع.

أنجزت الحكومة ومجلس النواب في الأيام الماضية لبنتين رئيسيتين في ملف الإصلاح؛ قانون نقابة المعلمين، وقانون البلديات. ورغم الملاحظات العديدة على القانونين، حيث تم سحب الدسم السياسي من قانون نقابة المعلمين، إلا أنهما خطوتان تسجلان للطرفين، والامتحان الصعب في الإصلاح الحقيقي هو التعديلات الدستورية وقانونا الانتخاب والأحزاب، ومن خلالهما سيتم الحكم على نوايا الحكومة وجديتها باتجاه الإصلاح أم لا، والأهم أيضا أن تنعكس أجواء الإصلاح على الممارسة السياسية والأمنية في الشارع.

إن كل الحديث عن الإصلاح السياسي الشامل يبقى ناقصاً إذا لم يترافق مع إصلاح اقتصادي حقيقي يحمي الحياة المعيشية للمواطنين، ويحفظ كرامتهم من العوز والحاجة، وهذا أيضاً لن يتحقق إذا لم نشعر جميعاً بأن محاربة الفساد ومحاسبة الفاسدين أولوية قصوى، ويجب ألا يتم التعامل معها بالقطعة وبحسب الوزن.

إذن.. فالإصلاح الإصلاح يا حكومة، فلربما لن ينفع الندم بعد فوات الفرصة، ونكون كمن قيل فيهم: "إذا فات الفوت ما ينفع الصوت".

الغد