تقرير التخاصية خطوة للوراء
أحمد الله أنني اعتذرت عن قبول عضوية لجنة تقييم عمليات التخاصية التي نفذت خلال 15 عامأً وانتهت قبل سنوات.
كانت حجتي أنني من أنصار التخاصية، وقد كتبت مدافعاً عنها، فلا يحق لي أن أتظاهر الآن بالحياد والتصرف كحكم.
لكن هناك سبباً آخر للاعتذار تأكدت صحته فيما بعد، وهو أن عمل اللجنة سيكون نبش الماضي وإعادة إنتاج جميع التهم التي وجهت إلى التخاصية في حينه.
التقرير الذي خرجت به اللجنة لم ياتِ بجديد، فالانتقادات التي وردت فيه وأكثر منها سبق أن طرحت في حينه، عندما كان النقد أكثر جدوى من مجرد إعادة إنتاج العيوب الحقيقية والمفترضة وبالنتيجة فإن التقرير لم يغير قناعة أحد من أنصار التخاصية أو خصومها.
كان المقصود من تشكيل اللجنة الحصول على شهادة من خبراء ذوي مصداقية عالية بأن التخاصية كانت ضرورة وأنها سجلت نجاحاً لصالح الدولة والمالكين والمستهلكين والعاملين، وأنه جاء الوقت لطي الماضي. وتركه للمؤرخين.
أغلب الظن أن هذا كان رأي أعضاء اللجنة، وبعضهم من أبناء المؤسسات الدولية الراعية للتخاصية، ولكنهم وجدوا أنفسهم في موقع محرج، فلماذا تكون مهمتهم غسل العيوب. ولماذا يخسرون مصداقيتهم بتقديم شهادة إيجابية؟ وبالنتيجة لم تقيـّم اللجنة نتائج التخاصية بل بحثت عن العيوب لتلقي عليها الاضواء، وبذلك ظفرت بامتداح خصوم التخاصية ودعاة سيطرة القطاع العام على الاقتصاد الوطني، خطوة للوراء.
إجمالاً لم تحقق اللجنة الهدف من تشكيلها بل حققت عكسه، فقد أعادت فتح موضوع سبق أن ُعولج بكثافة ولم يكن مفيدأً أن يعاد إنتاج سلبيات التجربة، وأن يتلقف البعض التقرير لشن حملة جديدة على عمليات تمت قبل سنوات وتأكد نجاحها، وجاء الوقت لإسدال الستار عليها، بل إن مؤسسة مكافحة الفساد وجدت في التقرير فرصة سانحة لتعزيز شعبيتها، وانبرت لإعادة فتح الدفاتر العتيقة لتحويل عمليات اقتصادية ومالية إلى قضايا فساد!.
باستثناءات محدودة فإن الانتقادات الموجهة إلى بعض عمليات التخاصية تتعلق بقرارات واجتهادات اتخذت اعتمادأً على السلطة التقديرية للمسؤول على ضوء الوقائع والمعلومات المتوفرة في حينه، لكن التقرير الذي يراد التعامل به، وكأنه وثيقة اتهام قضائية أسهم في تجميد المدراء والمسؤولين، والتردد في اتخاذ قرارات خوفاً من التهم الجاهزة والتحقيقات اللاحقة التي تصل في بعض الحالات إلى اغتيال الشخصية.
الرأي