عادت الحكومة بسياسة تفريخ البلديات لتعزز من تخبطها في الانفاق غير المدروس والذي هو اصلا اساس الاختلالات في المالية العامة المثقلة خزينتها بدين يناهز الـ13 مليار دينار وعجز باكثر من 1.16 مليار دينار.
الحكومة فرَّخت فعليا ما يقارب الـ 138 بلدية جديدة ليبلغ اجمالي البلديات في المملكة حوالي الـ 250 بلدية , وهو امر يتطلب مضاعفة الانفاق على تلك المؤسسات التي يخصص لها في الموازنة ما يقارب الـ 80 مليون دينار سنويا يأتي معظمها من عوائد البلديات المتأتية من الرسوم المفروضة على الوقود بنسبة 6 بالمئة ثم جرى استبدالها من خلال الضريبة المباشرة على المحروقات.
تفريخ البلديات بهذا الكم الكبير غير المدروس يتعارض مع خطة اعادة الهيكلة التي اقرتها حكومة البخيت ورحَّلت تنفيذها الى بداية العام المقبل , تلك الخطة التي هدفت الى تقليل اعداد المؤسسات ومنع الازدواج الوظيفي وتوحيد الهيئات ذات العمل المتشابه, تأتي الخطة لتنسف هذا المشروع وترحل تداعياته وانعكاساته على الحكومة المقبلة كما هي عادة حكومة البخيت, تخلق السياسات والاجراءات والتنفيذ يكون على الحكومة التي تليها.
الاهم من ذلك كله تمويل المؤسسات التي تم تفريخها يقضي بتوفير ما يقارب النصف مليار دينار سنويا كميزانية سنوية للبلديات, وهي تتوزع ما بين اليات ومقرات بمستلزماتها ومخططات ومخصصات تنمية, فهل باستطاعة الخزينة المريضة تلبية ذلك الانفاق?
قد يقول قائل ان الحكومة والنواب وضعوا مادة في قانون البلديات اقروا فيها فرض 8 بالمئة رسوما جديدة على المحروقات كعوائد مباشرة للبلديات, حيث من المتوقع ان يوفر هذا القرار الذي يحتاج فقط الى موافقة من مجلس الوزراء لتنفيذه الى ما يقارب الـ 100 مليون دينار سنويا , لكن هل بامكان الحكومة تطبيق مثل هذا القرار في الوقت الراهن خاصة مع تزايد الاحتقان الشعبي وتطور الاحتجاجات من جهة ووجود كم كبير من الضرائب المباشرة على المحروقات والتي تستحوذ اليوم على ثلثي التكلفة المباعة للمواطنين.
سياسة التفريخ للبلديات خلقت انقسامات حادة في المجتمع, والامور تتطور سلبا ولا احد يعرف ما مدى سيطرة الحكومة على التداعيات الخطيرة التي انتقلت الى كافة محافظات المملكة في الوقت الذي ستتنامى فيه النقمة على هذا المشروع مع تزايد متطلباتها المالية, في اعتقادي ان التخبط كان السمة الابرز في كل اجراءات الحكومة في سياسة البلديات.
العرب اليوم