تفاؤل حذر

تفاؤل حذر
الرابط المختصر

صار لدينا مجلس نيابي جديد بنسخته السابعة عشرة، حتى لو لم يشعر كثير منا بغياب الحياة البرلمانية طيلة الفترة التي مضت أو أكثر. إلا أن مجلساً نيابياً حتى لو كان ضعيفاً، سيبقى خيراً من فراغ نيابي مطبق، تنفرد فيه السلطة التنفيذية دون تشريع أو رقابة. فصباح الخير لمجلس موشح بأمنيات أن يكون قوياً وحكيماً.

وإذا كان في خياراتنا، أن نشارك في الانتخابات، أو أن نقاطعها انتخاباً أو ترشيحاً، فإننا فقدنا هذا الخيار الثنائي منذ ظهور النتائج، وسيبقى أمامنا أمر وحيد أن نتقبل المجلس الجديد، ونتعامل معه، ونسانده. سواء كنا من المشاركين في انتخابه، أو من المقاطعين. وهذا من أبسط صور الديمقراطية.

وكعادتي حين أمنح نفسي مساحة كافية واسعة من التفاؤل المفتوح للاشياء الجديدة في حياتي، فإني سأمنح تفاؤلي الحذر للمجلس الجديد، رغم تحفظاتنا الكثيرة على طريقة انتاجه وصياغته وبلورته. فالتفاؤل طريق معبدة لمن يتوقون إلى النجاح والتوفيق وتجاوز العثرات. وعليه أتمنى أن نرفع من شأن هذا التفاؤل ونروج صوره. وأن نحيد نظرة التشاؤم والتذمر والولولة، وأن لا نعيد نشر النشارة، وخض الماء، بأنه سيكون شبيهاً بالمجلس الذي سبقه، وأنه لن يقدم أو يؤخر، وأنه لن يحدث أثراً فارقاً في حياتنا. دعونا نمنحهم تفاؤلنا، بعد أن أخذوا ثقتنا.

ومن الآن على النائب أن ينسى عدد الأصوات التي حصل عليها، وأن ينظر بأنه فاز بكل أصوات دائرته مجتمعة، وأنه بهذا يمثل دائرته ووطنه تمثيلاً مكتملاً، ولا يمثل فقط أؤلئك الذين منحوه أصواتهم وثقتهم. وينطبق ذات الأمر على الناخب، الذي عليه أن ينظر إلى نائب دائرته بأنه يمثله تاماً، حتى ولو لم يكن منحه صوته. وهذه صورة أخرى للديمقراطية.

لن أتمنى أن تترجل سريعاً مظاهر الدعاية الانتخابية فحسب، بل علينا أن ننسى سريعاً الانتخابات وارهاصاتها وخلافاتها ومشاحناتها، وأن ننظر للبرلمان الوليد بأنه من صناعتنا جميعاً. وأنه سيكون الأقدر على تجاوز المطبات التي وقع بها سابقه، متمنين على أعضائه أن يكون قلباً واحداً لنا، وعيناً كبرى لمصلحتنا، ولمستقبلنا. وأن لا تشغلهم الامتيازات. بعد أن نالوا امتياز تمثيلنا. شئنا أم أبينا.

الدستور