تعديل‎ "‎المطبوعات‎": ‎يدي‎ ‎على‎ ‎قلبي‎!‎

تعديل‎ "‎المطبوعات‎": ‎يدي‎ ‎على‎ ‎قلبي‎!‎
الرابط المختصر

أقر مجلس الوزراء أمس مشروع قانون المطبوعات والنشر المعدل، قبل أن يجد طريقه إلى الإقرار من مجلس الأمة في الدورة الاستثنائية القادمة، والتي قد تكون الأخيرة للمجلس الحالي.

ولم يعد خافيا أن تعديلات "المطبوعات"، وتحديدا ما يتعلق منها بالصحافة الالكترونية، تحمل تشديدا واضحا، وضوابط قانونية قاسية، بدعوى التصدي لتجاوزات المواقع الالكترونية، وغياب المرجعية القانونية الضابطة لعمل هذه المواقع! "

معدل المطبوعات" يشرّع لضرورة ترخيص المواقع الإخبارية الالكترونية وفقا لقانون المطبوعات، ويسلح القضاء بسند تشريعي للأمر بحجب الخدمة الالكترونية عن الموقع غير المرخص، أو الذي يفقد شروط الترخيص.

قد لا يختلف أحد في توصيف المشكلة في الصحافة الالكترونية، والتباين، عالميا وليس محليا فقط، حول جدلية الحرية والمسؤولية، وتحرر مواقع عديدة من الالتزام بالقيم المجتمعية وحتى القانونية، خاصة مع توفر باب التفاعل المباشر مع القراء والمعلقين.

لكن هذا الجدل عالميا لم ينعكس على التشريعات والقوانين باتجاه التضييق على حرية الصحافة والنشر؛ فعند الموازنة بين سلبيات وإيجابيات الحرية على المجتمعات والناس، تميل الكفة لصالح الإيجابيات.

قد تكون المشكلة الرئيسة في الحالة الأردنية اليوم، وعند مناقشة خطوة حكومة فايز الطراونة بوضع قانون المطبوعات "على النار"، هي مبدئيا في تصدي هذه الحكومة لوضع مثل هذا التشريع الجدلي، في هذه المرحلة التاريخية؛ إذ يُفترض بها أن تكون حكومة انتقالية، وجسر عبور بين مرحلتين؛ أي أنها مرحلة انتقالية أيضا.

كما أن هذه الحكومة حملت مبكرا "بطيخة" حسم جدل قانون الانتخاب، وتصدت لتحديد محاوره الأساسية برؤيتها المحافظة، لنخرج بحالة انقسام سياسي، وغياب للتوافق الوطني، ما يهدد بإفشال أو إعاقة أهم استحقاق سياسي، تم الرهان عليه طويلا، لتتويج ربيع الإصلاحات الاردني، ونقصد الانتخابات النيابية المبكرة المقبلة.

السؤال اليوم هو: هل من حق هذه الحكومة الانتقالية، وفي هذه اللحظة التاريخية السياسية التي يغيب عنها التوافق الوطني سياسيا، والتي ما تزال تتعثر وتتخبط في تمرير أهم استحقاق سياسي وإصلاحي (الانتخابات)، هل من حقها أن تتقدم لحسم جدل سياسي ووطني مهم يطال ملف الإعلام والحريات الصحفية؟!

المقلق أيضا، هو أن هذه الحكومة ومجلس النواب يتصديان لمثل هذا التعديل المهم الذي يصنف قانونا سياسيا بامتياز، وفي الخلفية موقف سلبي معلن من الإعلام والصحافة، بل وتحميل رسمي للإعلام والصحافة مسؤولية مشاكل البلد، وتراجع الثقة بالدولة وهيبة المؤسسات!

ضمن هذه الأرضية من الموقف السلبي تجاه الإعلام والحريات الصحفية، تطل علينا الحكومة بمشروع "تعديل المطبوعات".

وضمن هذه الخلفية والأجواء، يمكن تفهم وجهات نظر المعارضين والمتحفظين على تعديل القانون في هذه المرحلة، خاصة أن ملامح التعديلات، تؤشر إلى حالة الضيق الرسمية بالصحافة الالكترونية وحرية الإعلام، والتركيز على تشديد الضوابط والممنوعات، دخولا من باب الترخيص للمواقع واشتراطات الترخيص.

الغد

أضف تعليقك