تحولات كبرى وجذرية في المسار الاقتصادي

تحولات كبرى وجذرية في المسار الاقتصادي
الرابط المختصر

لا تتوقف الدراسات والكتب التي تصدر حول الأزمة الاقتصادية العالمية، وقد صدر عن سلسلة عالم المعرفة مؤخرا كتاب انهيار الرأسمالية للألماني أورليخ شيفر. وسأعود إلى الكتاب في مقالة قادمة، ولكني سأعرض هنا عددا من الدروس والنتائج المهمة التي تمخضت عنها الأزمة ويراها خبراء اقتصاديون تحولات كبرى وجذرية في المسار الاقتصادي.

يعتقد الاقتصادي الأميركي روبرت شيلر أن الأزمة يمكن أن تؤدي على مدى عقود كثيرة من الزمن إلى إلحاق أوخم الأضرار في اقتصادنا وعلاقاتنا الاجتماعية، أي في نمط حياتنا، وفي الثقة والآمال التي نعقدها.

لقد كانت أزمة بنك بيرستيرنز نقطة تحول في التاريخ الاقتصادي، فقد أبانت الولايات المتحدة الأميركية بجلاء واضح أن ثمة مصارف قد صارت من الأهمية بمكان بحيث ما عاد يجوز تركها تعلن الإفلاس، وهي بصفتها أهم رمز لاقتصاد السوق الحرة قد اعترفت ضمنيا أن عصر اقتصاد السوق قد بلغ نهايته وأقصى حدوده.

ولكن أزمة بنك بيرسترنز لم تكن سوى البداية، ففي شهر أيلول (سبتمبر) 2008 ضرب وول ستريت زلزال كبير تسبب في اندلاع أكبر انهيار تتعرض له المصارف والبورصات منذ أزمة الكساد الكبير، زلزال جعل الاقتصاد العالمي يعاني من أوخم العواقب، وفشلت كل محاولات الإنقاذ، فقد انهار ايضا بنك ليمان برذرز، وتكبدت شركات التأمين خسائر فلكية.

يقول ألن غرينسبان الرئيس السابق للمصرف المركزي الأميركي إن تزايد النمو كان في مصلحة الفئات ذات الدخول العالية في المقام الأول، أما العمال الذين يحصلون على دخول لا تزيد على المتوسط المتعارف عليه فإنهم في وضع لا يحسدون عليه أبدا، إن هذه الظاهرة يمكن أن تؤدي إلى توترات اجتماعية عظيمة، بل يمكن أن تفضي إلى انقلابات اقتصادية جذرية.

وتشكلت حاجة جديدة طرحها أوباما وغيره، وهي الدخول في نقاش حول الأجر العادل، ولا يعني الأجر العادل الحد الأدنى، ولكن أيضا الحد الأعلى، أي تلك الأجور التي يتقاضاها الذين يتربعون على قمة السلم الاقتصادي.

وعادت الدولة من جديد لتكون هي الضمانة الأكيدة لأن يتصف الاقتصاد بالإنصاف والعدالة الاجتماعية، إنها هي وحدها الطرف القادر على إسعاف المشاريع والمصارف والأخذ بيدها في أيام الشدة، وعلى إسباغ مشاعر الطمأنينة والأمان على المواطنين.

يقول هيلموت شمت، المستشار السابق لألمانيا إن حركة رأس المال يجب أن تخضع لضوابط تضمن عدم تسببها في اندلاع الاضطرابات والأزمات، تماما كما يخضع النقل البحري والجوي بين الدول لقواعد وضمانات تلبي سلامته، إن وجود هذه الضوابط أمر يقتضيه التدبير العقلاني، وحسن السلوك، ومبادئ الأخلاق ايضا.

span style=color: #ff0000;الغد/span

أضف تعليقك