بهجة العيد

بهجة العيد
الرابط المختصر

يبتهج ما يزيد عن المليار ونصف من المسلمين في العالم في عيديهم الموّحد، ويؤدون جميعاً صلاة واحدة في صعيد واحد، ويتجهون نحو قبلة واحدة، ويدعون خالقهم الواحد، ويهتفون جميعاً بنداء واحد يعانق الآفاق ويصعد إلى عنان السماء بترنيمة خالدة : الله أكبر ، الله أكبر.

العيد شعيرة من شعائر الوحدة الحقيقية التي تجمع العرب مع الكرد والأتراك والفرس والمالاويين والهنود والصينيين والكزخ والأذربيّين والطاجيك وغيرهم من كل أمم الأرض في بوتقة عقيدة واحدة، تتمحور حول التوحيد، وتعبد الله في بذل الجهد على تحرير الإنسان، واحترام كينونته المكرمة، وإرساء العدالة، ونبذ العدوان ومقاومة الظلم وكل أنواع الاستعباد، ونشر الخير والفضيلة والمسامحة والإذعان للحق .

لقد كانت الأمة الإسلامية بكل شعوبها جسداً واحداً، وإذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب، لا فضل لعربي على أعجمي ، ولا لأعجمي على عربي ، ولا لأبيض على أحمر إلاّ بالتقوى والعمل الصالح، ولا يتقدم أحدهم على الآخر إلاّ من خلال العلم والقوة والأمانة والكفاءة .

حازت هذه الأمة من خلال تمثلها لمنظومة القيم النبيلة، ومن خلال حملها لرسالة التحرير والعدالة، مرتبة الخيريّة، فخاطبهم رب العزة بقوله : "كنتم خير أمة أخرجت للناس ، تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله "، هذه الخيريّة مرتبطة بالدور الرسالي العظيم القائم على هداية الأمم الأخرى وتقديم النصح لها، وإرشادها إلى معالم الفضيلة والتمسك بالخلق الرفيع، والحرص على التحاكم إلى الحق الواضح الأبلج الذي يجمع عليه العقل البشري .

يأتينا العيد اليوم والأمة الإسلامية مفرقة ومقسمة، تفصل بينها الحدود المصطنعة، والتشبث بالعرقيات والإثنيات ، والانتماءات الجهوية الضيقة، وتنمو فيها قيم الجاهلية والتعصب، واسلمت قيادتها للمستبدين الظلمة، الذين أخذوا على عاتقهم حراسة الحدود الوهمية، وإثارة الفرقة والاختلاف، وتنمية النعرات العرقية والمذهبية استجابة لمخططات أعدائهم، ومن أجل ديمومة بقائهم على كرسي الحكم المنتصب على أكوام الأشلاء ويعوم على بحر من الدماء.

العيد مناسبة للانتفاض على الظّلمة الأشقياء الذين فرقوا الأمة، والعيد مناسبة للتحرر من كل صنوف الجور والعسف، والعيد مناسبة للثورة على كل طواقم الفساد والإفساد، والعيد مناسبة لمحاربة كل الذين ينخرون في جسم الأمة الموّحد و في إطارها الفكري وكل الذين يعملون على هدم منظومة قيم الإسلام الوحدوية السامية، وكل الذين يبررون للظلم والاستبداد، وكل الذين يبررون جرائم الطواغيت الجبابرة الذين هدموا الوحدة وصنعوا الهزيمة وسلبوا الحرية وضيعوا الكرامة وبددوا مقدرات الأمة.

العرب اليوم

أضف تعليقك