بعد تقرير التخاصية
أراهن أن معظم ذوي الأصوات العالية في معارضة التخاصية منذ بدأت قبل 15 عامأً وحتى يومنا هذا ، سوف لا يقرأون تقرير اللجنة المستقلة التي قامت بالتقييم بعد دراسة تفصيلية لجميع الحالات استغرقت أكثر من سنة وأبرزت النجاحات والاخفاقات ، معززة بالوقائع والمعلومات.
لن يقرأوا التقرير لأنهم لا يريدون أن يغيروا قناعاتهم الثابتة ، وهي قناعات لم تبنَ على معلومات ووثائق وحسابات بل مجرد انطباعات ، ورغبة عارمة في الرفض والاتهام من منطلقات عقائدية جامدة.
أما الأقلية التي سـتأخذ على عاتقها مهمة القراءة ، فسيكون همها انتقاء العيوب والإخفاقات التي أشار إليها التقرير ، وكان لا بد من تسليط الضوء عليها لإعطاء التقرير قدراً من التوازن والمصداقية.
أقول هذا تسجيلاً لحقيقة موضوعية ، فأنا أيضاً لن أقرأ هذا التقرير بعناية لأن لي بدوري قناعات مبدئية ثابتة ، ونظرة إيجابية لن يغيرها أي تقرير!. ولهذا السـبب كنت قد اعتذرت عن المشاركة في عضوية لجنـة التقييم ، على أهميتها ، لأني صاحب رأي مسبق بالموضوع ، وقد سبق أن عبرت عنه مراراً.
لا يدّعي التقرير أن جميع عمليات التخاصية كانت مثالية وخالية من العيوب والاخطاء أو حتى علامات الاستفهام ، فالعيوب متوقعة في عمليات معقدة كهذه يدخل جانب منها في باب الاجتهاد ، ولكن التخاصية كمفهوم تبقى توجهاً صحيحأً ليس على الصعيد المحلي فقط ، بل على الصعيد العالمي أيضاً ، وليس هناك اقتصادي غير اشـتراكي يعارض التخاصية من حيث المبدأ ، أو يطالب بالتأميم ، او يدعو لتضخم القطاع العام على حساب القطاع الخاص ، فالحكومة - أي حكومة لا تستطيع إدارة عمليات صناعية وتجارية وسياحية بكفاءة المستثمرين والمدراء من القطاع الخاص.
أما فيما يتعلق بالإجراءات مما يقع في باب التفاصيل التي تسكن فيها الشياطين فقد تم تطبيقها بواسطة مسؤولين وأفراد حاولوا الالتزام بالقانون واللوائح التي تنظم عملية التخاصية ولكنهم ليسوا معصومين من الخطأ أو المنفعة الخاصة .
جاء الوقت لكي نتجاوز العقدة ونركز انتباهنا على المستقبل بعد أن نطوي صفحة الماضي الذي تم فتحه وفحصه وصدر بحقه تقرير علمي مستقل ، يوضح ما له وما عليه ، ُموقـّع من خبراء موثوقين وفوق مستوى الشبهات.
الرأي