بعد الكورونا وطريق الآلام تأتي فرحة القيامة
يمر أردننا الحبيب والعالم أجمع بتجربة إنسانية صعبة تتمثل بفيروز غزى العالم وترك خلفه ملايين المصابين وعشرات الآلاف من الموتى. ويأتي تصاعد حدة هذا الوباء القاتل مع ذكرى أسبوع الآلام والجمعة العظيمة ثم أحد القيامة.
لقد سطر الأردن ملكاً وحكومة وشعباً لوحة ناصعة في القيادة الحكيمة والتفاف شعبي حول القائد وتكاتف اجتماعي سيذكره التاريخ لما للأردن من عزة وكرامة ومحبة.
تأتي جائحة الكورونا في وقت كنا ولا نزال في أمس الحاجة الى تعاضد مجتمعي وتعاون وطني يجسر الهوة بين الطبقات ويكفل لكل مواطن حقه الطبيعي في العيش الكريم والتعليم والصحة و ضرورة التعاون والتعاضد ليس فقط داخل الوطن ولكن على مستوى الإقليم والعالم.
لقد خلت شوارع القدس القديمة من المؤمنين والحجاج المسيحيين. فلم يسر أحد على درب اللآلام ولم يشترك الشعب بخميس غسل الأرجل واحتفالات الجمعة العظيمة. سيخرج النور من القبر المقدس ولكن بدون الجماهير التي طالما ملأت القدس القديمة بشموعها المنتظرة للنور الذي يرمز الى الحياة والانبعاث من الموت وبذلك يكون أسبوع الالام قد انتهى بانتصار القيامة.
لقد تم توحيد الأعياد منذ 45 عام حيث نحتفل بعيد القيامة حسب التقويم الشرقي مع العائلة الأرثوذكسية في حين يتم الاحتفال بعيد الميلاد حسب التقويم الغربي في الخامس والعشرين من كانون أول من كل عام.
سنحتفل هذا العام في بيوتنا التي تحولت إلى كنائس وسيتشارك الأخوة والأخوات الكترونياً بدل من الاحتفال وجهاً لوجه. اننا نوافق طوعا بإغلاق كنائسنا التزاما بالنظام وتوجيهات الحكومة حيث نوافق قرار الحكومة ان الحفاظ على أرواح الناس يعلو على حضور اجتماعات في كنائسنا.
رغم الدور الفعال الذي لعبته الكنائس المسيحية ومنها الطائفة الإنجيلية في خدمة الأردنيين وغير الأردنيين إلا أن جائحة الكورونا قد خلقت تحديات جديدة لم نأخذها بالحسبان. فصناديق الدعم لا تشمل الجميع. هناك على سبيل المثال لا الحصر عامل وافد كان يبعث لأهله مرتبه شهرياً متوقعاً أن يحصل على راتبه آخر الشهر. هذا العامل، وغيره كثيرون، قد وجد نفسه دون ما يكفي لأدنى متطلبات الحياة والاستمرار. هذا يزيد من الحاجة للاهتمام الإنساني بحوالي ثلاث ملايين شخص مقيم غير مواطن على أرض المملكة الأردنية الهاشمية.
مشكلة الكورونا جاءت لزيادة الأعباء والتحديات للعمل الإنساني. نحن نشكر المساعدات الدولية والتي استطعنا من خلالها في العام الماضي إحياء فكرة أحد الأيتام Orphan Sunday، كما وتم تطوير مساعدات اللاجئين من خلال عضوية كنائس الأردن الإنجيلية في برنامج دعم اللاجئينPartnership Refugee Highway ، فقد نجحنا عام 2019 بعقد مؤتمر دولي للتحالف الإنجيلي العالمي الداعم للاجئين في عمان من 1-4 تشرين الثاني.
مشروع أحد الأيتام الذي صادف 11 تشرين ثاني 2019 يعمل لخدمة أطفال الأردن من الأيتام وفاقدي السند الأسري وتدريب العاملين في مراكز رعاية الأيتام. تشير الإحصائيات أن عدد الايتام غير معروفي النسب في مراكز الرعاية وغيرهم ضمن عائلاتهم البيولوجية في الأردن ما يقارب ال 72 ألف يتيم ويتيمه منهم 24 ألف يتلقون خدمات صندوق المعونة الوطنية في حين نعمل لتوفير خدمات ل 48 ألف يعيشون في أسر فقيرة.
كما وشاركت، بصفتي ممثل التحالف الإنجيلي العالمي لدول الشرق الأوسط وشمال افريقيا WEA-MENA، في أول منتدى عالمي للاجئين تعقده المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في جنيف من 16 -18 كانون الأول UNHCR - First Global Refugee Forum والذي دعت إليه المفوضية ولأول مرة التحالف الإنجيلي العالمي للحديث عن تحديات العمل مع اللاجئين للاستفادة من خبرات الهيئات الدينية والمؤسسات غير الحكومية بعملها مع اللاجئين في الأردن وباقي دول الشرق الأوسط وشمال افريقيا.
إن عمل الطائفة الإنجيلية في الأردن يتطور بشكل مستمر على الجانبين الروحي والاجتماعي. فقد وصل عدد الكنائس الإنجيلية في الأردن الى أكثر من 70 كنيسة تابعة لخمس مجامع هي المعمدانية والناصرية والاتحاد والإنجيلية الحرة وجماعات الله. وقد تطورت في السنوات الأخيرة العلاقات الأخوية مع باقي الكنائس ومع الجهات الرسمية مما يتمم الفسيفساء الجميل في أرننا الحبيب.
إن أسبوع الآلام وجائحة الكورونا يعكسان صعوبات وتحديات ولكننا واثقون كما قال جلالة الملك أنها "شدة وبتزول" ومع نهاية أسبوع الألام يأتي فرح القيامة. فكل عام والجميع بخير.
*رئيس طائفة جماعات الله في الأردن