برك السباحة في عمّان

برك السباحة في عمّان
الرابط المختصر

يوجد في عمان 17 ألف بركة سباحة، اكتشفت الحكومة ذلك مؤخرا، وكانت البرك تقدر بألف بركة فقط. نتحدث عن استهلاك مائي مقداره حوالي أربعة ملايين متر مكعب، وهذا يساوي الحصة المائية المقررة لأكثر من خمسة وعشرين ألف مواطن، من مياه الشرب والزراعة، والصناعة أيضا.

لا أعرف لأية درجة يمكن اعتبار ذلك مناسبا ولائقا، ولكن من المؤكد أن ذلك يؤشر على تفاوت هائل جدا بين المواطنين في أولوياتهم واحتياجاتهم وفرصهم في الحصول على حياة كريمة لائقة، فنعلم أنه في الوقت نفسه هناك صعوبات كبيرة جدا لدى عدد كبير من المواطنين في الحصول على الماء الضروري والكافي للشرب والاستخدام المنزلي، ونعلم أيضا أنه يجري اقتطاع جائر لمياه الزراعة في وادي الأردن من أجل ضخها إلى عمان، ومن المؤكد أن هذه الملايين المخصصة لبرك السباحة تساهم بقدر معقول في تخفيف العجز المائي، وفي تحسين مستوى الري والزراعة في وادي الأردن.

من حق الناس، بالطبع، أن يحصلوا على برك سباحة، ويسبحوا. وأتوقع في موجة الصعود الديني أن يرد علينا كثير من أصحاب برك السباحة بالحديث النبوي "علموا أبناءكم السباحة"، والحل بتقديري بسيط ومنطقي، وهو ليس اختراعا أقدمه، فقد كان سائدا ومتبعا طوال التاريخ، وهو عدم نقل مياه من منطقة إلى أخرى، وأن تدبر كل بلدية مواردها المائية، وأن تقوم المدن والتجمعات السكانية حول المياه، وتلتزم برعايتها وتنميتها.

المدن والتجمعات السكانية تقوم حول الأنهار والسيول، هكذا نشأت عمان والزرقاء والرصيفة والكرك ومادبا وعجلون وإربد والعقبة، والمحافظة على مسيلات المياه نظيفة وآمنة وممكنة للسباحة، وسيكون لدى الناس في معظمهم، فرص للسباحة، ويمكن تطوير سلسلة من برك وأماكن السباحة التي لن تذهب هدرا، لأن المياه الجارية هي الأفضل للسباحة صحيا، فمن المعلوم أن برك السباحة تحتاج إلى عناية فائقة لتبقى صالحة للاستخدام، وأنها أيضا مصدر للأمراض والتلوث، ولكن الحفاظ على مسيلات المياه نظيفة وجارية وإنشاء برك أو أماكن مناسبة للسباحة حولها أو ضمن مجراها، سيجعل السباحة متاحة وبتكاليف قليلة لمعظم أو جميع المواطنين، ويجعلها أيضا عملية سياحية مصحوبة بسلسلة من المشروعات والاقتصاديات السياحية والترفيهية.

أعتقد أن تكاليف هذه المشروعات (الموارد الذاتية وتطوير السيول والأودية)، هو أقل بكثير من تكاليف ضخ المياه من الديسي وجر مياه نهر اليرموك والأزرق والسيول والأودية إلى عمان والمدن، ونرفع الظلم عن الأصحاب الحقيقيين للمياه والذين كانوا ينشئون مشروعات اقتصادية إنتاجية تعطلت أو تضررت، فلا يعقل بعد ذلك أن نحرم المستحقين من المياه وننفق مئات الملايين على جرها لأجل برك السباحة في عمان.

أضف تعليقك