انتخابات البلديات.. تمرين إصلاحي حي

انتخابات البلديات.. تمرين إصلاحي حي
الرابط المختصر

رغم تركيز الملك في خطابه مساء الأحد على العناوين الكبرى للإصلاح، وتقديمه رؤية وفكرا، وتأكيده على الإرادة الإصلاحية للدولة، إلا أنه أعطى مساحة أشار فيها بوضوح إلى أنه وجه الحكومة لإجراء انتخابات بلدية تكون عنوانا للمشاركة الشعبية الواسعة.

وحسب كلام سابق للحكومة، وعلى لسان الوزير المعني، فإن الانتخابات ستجرى بعد عيد الفطر، أي في شهر أيلول (سبتمبر)، وأن الانتخابات ستجرى وفق قانون جديد سيكون القانون الأهم على جدول أعمال الدورة الاستثنائية لمجلس الأمة المتوقعة هذا الشهر.

وانتخابات البلديات بند مهم في ملف الإصلاح السياسي والإداري، بل والعملية التنموية. ومن المفترض أن يكون القانون الجديد إصلاحيا، أي فيه ما يوسع المشاركة الشعبية من جهة، وأيضا يكون قادرا على معالجة جزء كبير من المشكلات التي يعاني منها العمل البلدي، لأن البلديات اليوم في معظمها مشكلة وليست حلا، والأسباب معلومة وتتعلق بالحمل الكبير من الموظفين ونقص الموارد، إضافة إلى ضعف تراكمي في المجالس البلدية نتيجة أسس الاختيار وشروط الترشح وعوامل ثقافية.

لا ندري إن كانت البلاد ستشهد انتخابات نيابية مبكرة أم لا، لكننا نتوقع أن الطريق الخاصة بإجراء انتخابات بلدية سالكة وبسهولة ويسر، وبخاصة أن مشروع القانون شبه جاهز في أروقة الحكومة، وإذا تعامل معه مجلس الأمة بأولوية، وتم إقراره بشكل سريع، من دون الإخلال بحقه في النقاش، فإن الجزء الباقي سيكون على كاهل الحكومة التي يجب أن تكون قد حسمت أمرها حول موعد الانتخابات، والبدء بالاستعدادات الفنية والإدارية التي -كما نسمع- تحتاج إلى حوالي 100 يوم بعد إقرار القانون.

الانتخابات البلدية تمرين بالذخيرة الحية، سياسيا وإداريا وتشريعيا، على إدارة جزء من المرحلة الجديدة التي تسارع فيها الإصلاح؛ وهي تمرين حي للسلطة التنفيذية على إدارة انتخابات شاملة لكل تفاصيل المدن والقرى والبادية في ظل الظروف الجديدة، وهي معيار على مدى قدرة الجميع، من قوى اجتماعية وسياسية وإعلام، على تحفيز الأردنيين على المشاركة الواسعة، وأن يكونوا جزءا رئيسا من عملية صنع القرار الخدماتي في مناطقهم.

أما الخطوات المطلوبة، فأولها إرسال القانون إلى مجلس الأمة، ثم التفاهم مع المجلس على إعطائه الأولوية في النقاش والإقرار، ثم أن تكون الرؤية لدى الحكومة واضحة من خلال تحديد موعد إجراء الانتخابات، ثم البدء بالإجراءات الفنية والإدارية الخاصة بالعملية الانتخابية.

في ثنايا المدن والقرى والمحافظات والعشائر حراك معقول للمشاركة في الانتخابات وإعلان نوايا الترشح، لكن الصورة غير واضحة أمام الناس فيما يتعلق بموعد الانتخابات، والأهم إن كانت هذه الانتخابات ستجرى أم لا. لكن الإشارة الواضحة والمباشرة من جلالة الملك للانتخابات البلدية، أعطت قوة دفع لإمكانية كبيرة لإجراء الانتخابات هذا العام. وهنا سنتجاوز الموعد الأولي الذي سبق لوزير البلديات الحديث عنه، لنقول إن أي موعد بعد إقرار القانون وإنهاء الاستعدادات معقول، لكن بشرط الوضوح من الجهات المعنية.

قيمة انتخابات البلديات هذا العام أنها عملية إصلاحية، وجزء من تطبيق إرادة الإصلاح وتعزيز مشاركة الناس وفق قانون نأمل أن يكون قادرا على حمل عبء حل جزء معقول من مشكلات البلديات، وأن ننتقل بهذه المؤسسة الخدماتية التنموية من كونها اليوم مشكلة إلى أن تكون الحل.

الغد