النواب يرسمون الطريق ويستدعون التاريخ

النواب يرسمون الطريق ويستدعون التاريخ
الرابط المختصر

أمطر النواب بمطالبهم حكومة الخصاونة في مناقشتهم لخطاب الثقة بمجموعة من الأسئلة والقضايا التي كانت موجودة مسبقا، وغابت في مساءلاتهم للحكومات السابقة أو أنها لم تطرح، وهذا الأمر يظهر في المطالبة بمحاسبة رموز أو شخصيات تولت مواقع هامة في البلد، ولكن أحدا لم يجرؤ على توجيه الطلب مباشرة بمحاكتمهم.

تغير سقف النواب في مناقشتهم للحكومة مرتبط بمسار المجلس، وهم كانوا على وضوح تام حين عبروا عن عدم ارتياحهم وامتعاضهم من الأوصاف التي يطلقها الناس على مجلس النواب، فقد أوردوا الأوصاف التي وصفوا بها والاتهامات التي وجهت إليهم، وهو ما عزز الصورة السلبية عنهم في الشارع، لذلك كله أرادوا اليوم الرد والقول بأن وجه المجلس تغير بين ثلاث حكومات تعاقبت عليه، وأن ما صلح في حكومة الرفاعي والبخيت لا يصلح اليوم مع الخصاونة.

النواب اليوم في حالة صحية، وفي مواجهة مع الحكومة، التي تبدي عقلانية وضبطا كبيرا للأنفاس، وهي في مواجهة مع النواب على تحقيق المطالب المناطقية ومحاكمة الفساد ودعوة لتحقيق تنمية حقيقية وانهاء التخبط في المؤسسات المستقلة والبدء بحساب حقيقي لمعالجة الاختلال في مفاصل الدولة.

اللغة النيابية اتسمت بالحدة والتصعيد، مع ضعف في بنية اللغة ذاتها، وقد توالت الأخطاء كثيرا مما أضعف كلمات البعض بالرغم من المضمون الجيد لها، ومحاولة تضمينها بصور وأمثال وعبارات بدت متأثرة في الشارع الشعبي، ومع ذلك كان رئيس الحكومة متابعا بدقة لكل المطالب وكان دون ملاحظاته باستمرار عقب كل كلمة.

المجال اليوم يبدو متاحا لاحداث مراجعة لعلاقة النواب مع الحكومة، وهي مراجعة تقتضيها طبيعة المرحلة وشكل العلاقة التي تستوجب ان يكون النواب أكثر فعالية في مجال الرقابة ومحاسبة الحكومة في حال وجد الخطأ، أما ان تنتهي العلاقة شكلها المطلبي فهذا أمر يقوض الهدف الحقيقي لدور مجلس السلطة التشريعية برمته.

ثلاثة أيام مرت على مناقشة النواب للحكومة في برنامج الثقة، وقد أظهرت تغيرا كبيرا في شكل العلاقة والمواقف بين طرفي المعادلة، وبينت أن الرهان على الدور التجميلي للنواب لم يعد ممكنا، وفي الصورة الكلية للموقف يبدو أن هناك تجددا في الخطاب عبر مطالب واعية لتعزيز مسار الإصلاح السياسي وهي التي نادت بطريق واضح وبرنامج عمل حقيقي، ويبدو أن تتالي الخطابات عزز قدرات النواب واثمر معهم بشكل ايجابي، لكن القاسم المشترك بينهم هو البحث عن الشعبية لدى قواعدهم التي حين آبوا إليها وجدوا عندها خطابا ناقدا لمواقفهم من الحكومات السابقة.

في المحصلة لم يعد السؤال عن عدد الأصوات التي ستعبر بها الحكومة مظلة البرلمان، لكن المهم، هو إلى أي مدى ستتكئ الحكومة على ما ورد في مضمون الخطابات لتنجز حالة اصلاحية تليق بمهمتها التاريخية، وهي انجاز قوانين اصلاحية تعود بنا لروح العام 1989.

أضف تعليقك