الموقف من صفقة القرن

الموقف من صفقة القرن

رغم أن المصطلح بحد ذاته جديد إلا أن مضامين خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لتسوية الصراع الفلسطيني – الاسرائيلي والتي باتت تعرف بصفقة القرن ليست جديدة تماما من حيث عناصرها الجوهرية ومكوناتها الرئيسية ؛ التي تتقاطع مع مقترحات حلول تتجاوز القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية . فقد سبق أن طرحت افكار ومشاريع حلول في هذا الاطار لتسوية الصراع كتلك التي عبر عنها عام 2010 مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق جيورا أيلاند عندما اقترح الأخذ بأحد حلَّين لتسوية القضية الفلسطينية : الأول  فدرالية أردنية - فلسطينية ؛ من خلال دولة مستحدثة تضم ثلاث ولايات هي الضفة الشرقية لنهر الاردن ، والضفة الغربية ، وقطاع غزة والثاني تبادل مناطق مبني على أساس تنازل مصر عن مساحات من أراضي سيناء لصالح دولة فلسطينية مستقبلية ، بإضافة مستطيل يمتد من رفح إلى حدود مدينة العريش طوله 24 كيلومتراً وعرضه ثلاثون كيلومتراً وتسوية في الضفة الغربية على أساس تقاسم وظيفي مع الاحتلال يعطي الفلسطينيين حكما ذاتيا موسعا على السكان دون سيادة على الأرض هذا الى جانب تسوية قضية اللاجئين الفلسطينيين باعتبارها قضية انسانية والتنازل عن كونها أحد أركان حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني .

 

خطة جيورا آيلاند تلك للتسوية السياسية لا تشبه في عناصرها وفي جوهرها خطة الرئيس الاميركي دونالد ترامب فقط من بعيد ، فالتسوية على أساس هذه أو تلك تنطلق من اعتبار القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية غير ذي صلة ، بكل ما يعنيه ذلك من استبعاد أن تعتمد التسوية على القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة . العناوين الأخرى هنا على أهميتها ينبغي ألا تشكل قيدا على التقدم نحو التسوية السياسية ، كالقدس وما يسمى حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967 واللاجئين وغيرها من العناوين التي بقيت عالقة في ما كان يسمى في اتفاقيات اوسلو قضايا الوضع الدائم والنهائي .

 

وكما حذرنا في حينه من المخاطر المترتبة على الأفكار التي طرحت في خطة جيورا آيلاند عام 2010 وغيرها من الخطط ودعونا الى رفضها جملة وتفصيلا فقد حذرنا كذلك في وقت مبكر من المخاطر المترتبة على الأفكار الأولية التي كان يجري تسريبها عبر وسائل الاعلام في خطة الرئيس الاميركي التي باتت تعرف بصفقة القرن . وتحذيراتنا كان لها ما يبررها بعد ان بدأت أوساط فلسطينية تستعجل الادارة الاميركية الاعلان عن خطتها أو تتهم رئيس الوزراء الاسرائيلي بمحاولات تخريب الصفقة وتدميرها عبر التوسع في النشاطات الاستيطانية للحكومة الاسرائيلية .

 

وجاء تحذيرنا من قراءة واعية لمواقف الادارة الاميركية الجديدة من قضايا القدس ، ما يسمى حل الدولتين ، وكالة الغوث وقضية اللاجئين ، والموقف من الاستيطان ونشاطات اسرائيل الاستيطانية في الضفة الغربية بما فيها القدس ضمن أمور أخرى على درجة عالية من الأهمية بالنسبة للتسوية السياسية للصراع . لم يكن الامر بحاجة الى الكثير من الجهد للتعرف على معالم صفقة القرن الاميركية بخطوطها العريضة . فالإدارة الاميركية كانت تعطي مؤشرات واضحة على عناصر خطتها مثل الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة اسرائيل ونقل سفارتها إليها واختراع عاصمة للفلسطينيين في ضواحي القدس والموافقة على ضم الكتل الاستيطانية والحفاظ على المستوطنات الأخرى تحت السيادة الاسرائيلية ومفهوم أمني مُشترك يشمل عددا من النقاط منها ان دولة فلسطين ستكون منزوعة السلاح مع قوة شُرطية قوية وتعاون أمني ثنائي وإقليمي ودولي وقوات إسرائيلية على طول نهر الأردن والجبال الوسطى ، واحتفاظ اسرائيل بصلاحيات الأمن القصوى بيدها لحالات الطوارئ مع انسحاب القوات الإسرائيلية وإعادة تموضعها تدريجياً ، خارج المناطق المصنفة (أ + ب)، في الضفة الغربية ، مع إضافة أراضٍ جديدة من المنطقة (ج) وذلك حسب أداء السلطة (دون تحديد جدول زمني) ، ويعرف الجميع طبعا ان المناطق ( ا ) تعادل نحو 18% من مساحة الضفة ، وتسيطر عليها السلطة الفلسطينية أمنيا وإداريا ، فيما تعادل المناطق ( ب ) 21% ، وتخضع لإدارة مدنية فلسطينية وأمنية اسرائيلية أي أن تكون الدولة الفلسطينية أو الكيان الفلسطيني ، على مساحة قطاع غزة و39% أو اكثر قليلا من مساحة الضفة الغربية.

 

وفي مقابل ذلك يعترف العالم ويعترف الفلسطينيون والعرب بإسرائيل دولة عبرية ووطنا قوميا للشعب اليهودي ، وبفلسطين وطنا قوميا للشعب الفلسطيني وتتعهد اسرائيل بضمان حرية العبادة في الأماكن المُقدسة في القدس للجميع مع الإبقاء على الوضع القائم بها حاليا وبتخصيص أجزاء من مينائي أسدود وحيفا ، ومطار اللد للاستخدام الفلسطيني ، على أن تكون الصلاحيات الأمنية بيد اسرائيل وإيجاد ممر آمن بين الضفة وقطاع غزة تحت سيادة الاحتلال وأن تكون المياه الإقليمية ، والأجواء ، والموجات الكهرومغناطيسية  تحت سيطرة إسرائيلية ، دون الإجحاف بحاجات الفلسطينيين .

 صفقة القرن سوف تبقى تدور في هذا الاطار ولا تخرج عنه ، قد تدخل عليها تعديلات في محاولة لتجميل وجهها القبيح ولكن بشكل عام سوف تبقى إطارا للتسوية السياسية خارج سياق القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية ، أما الادعاء الاميركي بأن الصفقة سوف تأخذ بالاعتبار مصالح الفلسطينيين فتكذبها المواقف الاميركية المعلنة والوقائع الاسرائيلية على الارض بشأن مدينة القدس ، أو قضايا الاستيطان والحدود ، أو قضية اللاجئين وحق العودة أو الموقف من وكالة الغوث ، أو قطع المساعدات عن السلطة الفلسطينية ، أو إغلاق مكتب " م. ت .ف " في واشنطن ، أو دعم هذه الادارة للقرصنة الاسرائيلية وقيام سلطات الاحتلال بالخصم من أموال المقاصة بما يساوي الرواتب والمخصصات التي تدفعها السلطة الوطنية الفلسطينية لعائلات الشهداء والجرحى والأسرى.

 

ذلك يتطلب بالضرورة العمل على إنهاء الانقسام الداخلي ، الجغرافي والإداري والمؤسساتي والسياسي ، الذي لا يستفيد منه أحد سوى العدو الاسرائيلي . إن انهاء الانقسام واستعادة وحدة النظام السياسي الفلسطيني متطلب أساس في المواجهة مع صفقة القرن والعمل على احباطها . فضلا عن ذلك يجب الاعتراف أن الانقسام الذي تعيشه الحالة الفلسطينية قد أفسد الحياة السياسية الفلسطينية وعطل الحياة الدستورية وكرس من خلال غياب السلطات نظاما رئاسيا فرديا بصلاحيات مطلقة يدار فيه الحكم بمراسيم لا تخضع للرقابة او المساءلة أو المراجعة ما ألحق اضرار فادحة بالأوضاع العامة الفلسطينية وشوه صورة النظام السياسي الفلسطيني ، ما بات يتطلب معالجة جادة بدعوة هيئة تفعيل وتطوير منظمة التحرير الفلسطينية أو ما اصطلح عليه في تقاليد العمل السياسي الفلسطيني بالقيادة الفلسطينية ، التي تضم اللجنة التنفيذية للمنظمة ، والأمناء العامين للفصائل ، ورئيس المجلس الوطني الفلسطيني ، وشخصيات مستقلة ، للتوافق على إجراءات إنهاء الانقسام ، تكون الدعوة لانتخابات شاملة رئاسية ، وتشريعية للمجلسين التشريعي والوطني في بؤرة تركيزها على اساس قانون انتخابات عصري وديمقراطي يعتمد نظام التمثيل النسبي الكامل ، من أجل تجديد شرعية الهيئات والمؤسسات القيادية سواء في السلطة الوطنية أو في منظمة التحرير الفلسطينية وبما يعزز من موقعها السياسي والتمثيلي ، إطاراً يجمع تحت رايته القوى الفلسطينية كافة ، وأوسع صف من الفعاليات الاجتماعية والثقافية والنقابية وفعاليات المجتمع المدني .

 

إن مواجهة صفقة القرن كإطار للتسوية السياسية وظيفتها تصفية القضية والحقوق الوطنية الفلسطينية تتطلب اليوم أكثر من أي وقت مضى التوافق على استراتيجية وطنية تستند إلى حالة وطنية فلسطينية متماسكة ، وسياسة ذات أهداف واضحة المعالم وآليات ميدانية فعالة بكل ما يتطلبه ذلك من تصويب العلاقات الائتلافية داخل م.ت.ف ومؤسساتها ، وإعادة بناء هذه العلاقات على قاعدة الديمقراطية التوافقية والشراكة السياسية وإعادة الاعتبار للجنة التنفيذية كقيادة يومية لشعبنا الفلسطيني ، مسؤولة أمام المجلسين المركزي والوطني وأمام الرأي العام الفلسطيني ، واستعادة صلاحياتها التي انتزعت منها وأحيلت إلى وزارات السلطة الفلسطينية وغيرها ، ما أدى إلى تهميش دورها بكل ما يترتب على ذلك من خطوات باتت ضرورية لتصويب العلاقة بين دوائر ومؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية ووزارات وإدارات السلطة الوطنية الفلسطينية والبدء بخطوات إصلاحية ، تعزز من مكانة المنظمة وموقعها ، باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني ، وقائد نضالاته من أجل العودة وتقرير المصير وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود 4 حزيران 67.

 

وعلى الصعيد السياسي الوطني العام ، يجب مغادرة السياسة الانتظارية وسياسة المماطلة والتسويف وتعطيل قرارات المجلسين الوطني والمركزي ، التي تسير عليها القيادة الرسمية المتنفذة في منظمة التحرير ومغادرة سياسة إحالة القرارات إلى لجان تتلوها لجان ، والشروع دون تردد بخطوات فك ارتباط مع سلطات الاحتلال تفضي التحرر من قيود اتفاق أوسلو . سياسة الانتظار على ما تقوم به حكومات اسرائيل في القدس المحتلة وفي باقي المحافظات الفلسطينية من استيطان وتهويد وتطهير عرقي صامت ومن قرصنة لأموال المقاصة الفلسطينية يتطلب ردا فلسطينيا يجب أن يكون متناسبا مع هذه الجرائم بتنفيذ قرارات المجلسين الوطني والمركزي الفلسطيني بشأن تحديد العلاقة مع اسرائيل باعتبارها دولة معادية تحتل اراضي دولة فلسطين ، بدءا بوقف جميع اشكال التنسيق الأمني مع سلطات الاحتلال مرورا بسحب الاعتراف الفلسطيني بدولة اسرائيل وانتهاء بوقف العمل باتفاق باريس الاقتصادي وإلغاء الغلاف الجمركي والنظام الضريبي الموحد المعمول به وفقا للاتفاق الموقع بين الطرفين في باريس عام 1994 ووقف استيراد البضائع من خلال وسيط اسرائيلي وقفا شاملا وفرض المقاطعة الشاملة على جميع البضائع الاسرائيلية ومنعها من دخول الاسواق الفلسطينية ، هذا الى جانب خطوات أخرى لها معاني وأبعاد سيادية كتحرير سجل السكان وتحرير سجل الاراضي من سيطرة دولة الاحتلال ومد ولاية المحاكم الوطنية الفلسطينية لتشمل جميع المتواجدين والمقيمين في أراضي دولة فلسطين تحت الاحتلال وفقا لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 67 / 19 لعام 2012 ، هذا الى جانب استنهاض المقاومة الشعبية بجميع أشكالها ، وتطويرها لانتفاضة شاملة ، على طريق التحول إلى عصيان وطني شامل يدفع المجتمع الدولي الى التدخل لإلزام دولة الاحتلال الاسرائيلي على احترام قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية والصراع الفلسطيني والعربي الاسرائيلي في إطار مؤتمر دولي فعال برعاية الأمم المتحدة بعيدا عن الرعاية الاميركية الحصرية ، التي دمرت فرص التقدم نحو تسوية سياسية شاملة ومتوازنة على اساس القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية وبما يوفر الامن والاستقرار لجميع شعوب ودول المنطقة ، بما فيها دولة فلسطين وفي القلب منها مدينة القدس الشرقية باعتبارها عاصمة ابدية لدولة وشعب فلسطين وتصون حقوق اللاجئين الفلسطينيين في العودة الى ديارهم التي هجروا منها بالقوة العسكرية الغاشمة .  

 

وفي إطار هذا كله نحن أحوج ما نكون الى استراتيجية وطنية لمواجهة خطر الاستيطان الاسرائيلي الذي بات يشكل تهديدا وجوديا للشعب الفلسطيني كجزء من سياسة الاشتباك مع صفقة القرن الاميركية . للأسف الشديد لا توجد استراتيجية وطنية بالمعنى السياسي الشامل لمواجهة خطر الاستيطان وهو خطر داهم يهدد وحدة التراب الوطني مثلما يهدد الوجود الوطني الفلسطيني ، ما هو موجود لدى منظمة التحرير الفلسطينية او السلطة الوطنية هو سياسات تتعامل مع الاستيطان بردود فعل تنجح هنا وتفشل هناك ، فيما الاستيطان يتوسع ويتعمق وينتشر كالسرطان في الضفة الغربية بما فيها القدس المحتلة . اعني بالسياسات معارك متقطعة في الميدان يقدم فيها المواطنون تضحيات كبيرة دفاعا عن الارض في مقاومة الاستيطان دون ان يلمسوا بأن المناطق المهددة بالاستيطان هي في السياسة الرسمية الفلسطينية كمناطق تطوير من الدرجة الاولى من حيث المخصصات في الموازنات العامة لدعم الصمود وتطوير القطاع الزراعي وخلق فرص عمل للقوى الفلسطينية العاملة تغنيها عن التوجه للعمل في المستوطنات مثلا ، فمخصصات وزارعة الزراعة مثلا في الموازنة العامة لا تتجاوز في احسن الاحوال واحد في المئة من الموازنة العامة وهكذا هو الحال بالنسبة للوزارات والإدارات العامة المعنية مثلا بتطوير الخدمات والمخططات الهيكلية والبنى التحتية في الريف ، فيما تستحوذ النفقات الأمنية على نحو ثلث المخصصات في الموازنة العامة . هذا وضع غير سليم ويحتاج الى تصويب حتى يصبح ممكنا البحث في استراتيجية وطنية لمواجهة خطر الاستيطان.

 

انا لا اقلل هنا من أهمية المقاومة الشعبية السلمية للاستيطان التي تجري في اكثر من مكان في الضفة الغربية بما فيها القدس ، فهناك امثلة رائعة من الصمود في وجه جرافات الاحتلال وقطعان المستوطنين غير انها معارك متناثرة قد تربك الاحتلال ولكنها لا توقف عجلة مصادرة الاراضي ووقف زحف الاستيطان . ما يوقف عجلة مصادرة الاراضي وزحف الاستيطان هو بناء جبهة مقاومة شعبية تعم الريف وتستلهم تجربة انتفاضة الحجارة عام 1987 من حيث اتساع نطاق المشاركة فيها وتستلهم انتفاضة البوابات في الحرم القدسي الشريف في تموز 2017 ، التي كانت تتطور نحو عصيان وطني في وجه اجراءات الاحتلال في القدس دفعته الى التراجع عن مخططاته .

 

وباختصار يمكن التأكيد أننا بحاجة فعلا الى استراتيجية وطنية لمواجهة خطر الاستيطان الاسرائيلي ، الذي ينتشر كالسرطان في جسد الفلسطينية ، اما عناصر هذه الاستراتيجية الغائبة حتى الآن فهي متشابكة ومترابطة بين متطلبات وقف التدهور في العلاقات الوطنية الفلسطينية والدخول في حوار وطني شامل لطي صفحة الانقسام الاسود ومتطلبات فك الارتباط بدولة الاحتلال الاسرائيلي والتحرر من قيود الاتفاقيات الموقعة بين الجانبين بدءا اتفاقيات اوسلو وانتهاء باتفاق باريس الاقتصادي ومتطلبات تدويل الحقوق والقضية الوطنية الفلسطينية وخوض معاركها في جميع المحافل الدولية المعنية .

 

مسألة أخرى على جانب كبير من الأهمية في المواجهة الجارية مع صفقة القرن الاميركية تتصل بسياسة بعض القادة العرب في دول الحليج وفي المغرب العربي تؤشر على الاستعداد للتطبيع مع الاحتلال الاسرائيلي ، في الوقت الذي تواصل فيه  الحكومة الاسرائيلية احتلال اراضي دول عربية ثلاث هي فلسطين وسوريا ولبنان وتمارس في الوقت نفسه سياسة استيطان وسياسة تمييز عنصري وتطهير عرقي ضد المواطنين على جانبي الخط الأخطر في فلسطين.

 

اللقاءات التي تتم في السر والعلن بين هؤلاء القادة العرب وبين حكام تل أبيب هي بدون شك طعنة في ظهر الشعب وارتداد مخجل عن قرارات القمم العربية وما يسمى مبادرة السلام العربية التي أقرتها القمة العربية ، التي انعقدت في بيروت عام 2002 وقمة الظهران التي انعقدت في المملكة العربية السعودية عام 2018 ، وتعبر في الحقيقة عن الشعور بمركبات نقص المناعة الوطنية والقومية وتقدم في الوقت نفسه خدمة مجانية للسياسة العدوانية التوسعية المعادية للسلام ، التي تسير عليها حكومة اسرائيل ولا يمكن تبريرها بالادعاء أن اسرائيل دولة قائمة في المنطقة . بعض العرب فقدوا البوصلة وهم يحاولون خلط الاوراق واستبدال العدو الرئيسي للشعب الفلسطيني وشعوب الامة العربية بعدو مستجد هو الجمهورية الاسلامية في ايران ، بالتأكيد هناك ما يدعو الى التوقف أمام السياسة التي تمارسها ايران في عدد من دول المنطقة وأمام احتلالها لأراضي دولة عربية شقيقه هي الامارات العربية المتحدة ، لكن إذا اعتقد بعض العرب أن دولة اسرائيل يمكن ان ترفع لهم الكستناء من النار في خلافاتهم مع ايران فهم واهمون ، لسبب بسيط هو أن هذه الدولة لا تعمل وكيلا ثانويا في الدفاع عن مصالح أي من دول المنطقة ، فما يهمها هو أولا وأخيرا مصالحها في الهيمنة والسيطرة على حساب الشعب وشعوب الأمة العربية بشكل خاص وشعوب المنطقة بشكل عام ومن هنا تأتي أهمية معالجة استعداد بعض الدول للتطبيع مع دولة اسرائيل ومنع ذلك باعتبار أن صفقة القرن الاميركية تعمل على تفكيك ما يسمى مبادرة السلام العربية ودمج تطبيع العلاقات العربية مع دولة اسرائيل في ترتيبات صفقة القرن .

 

 

* عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية

أضف تعليقك