ما هي الفائدة من إلغاء أو دمج مؤسسات مستقلة إن لم يحقق ذلك وفرا ؟.
خذ مثلا دمج المناطق الحرة والصناعية , فما حدث هو ضمها اسما , فاحتفظت كل منها بمكاتبها وأبنيتها وموظفيها , باختصار بقيت نفقاتها على ما هي عليه إن لم تزد.
هذه ناحية أما الناحية الأخرى , فهي ما هو تأثير الدمج أو الإلغاء على آلية عمل هذه المؤسسات , هل نشطت , وهل ارتفعت وتيرة الإنتاجية فيها , وهل كانت ذات أثر إيجابي على القطاعات التي تتولى خدمتها ؟.
خذ مثلا هيئة تنظيم قطاع التأمين , التي أضيفت كدائرة إلى ملاك وزارة الصناعة والتجارة , وبدلا من تخفيف أعباء الوزارة , زادت تشعباتها , وبدلا من تيسير أعمال القطاع غرق في تعقيدات غير مبررة.
إذا كان هدف دمج أو إلغاء المؤسسات المستقلة هو توفير النفقات , فهذا لم يحدث , لا من ناحية الأثر في الموازنة جارية أو رأسمالية , ولا من ناحية هيكلة كوادرها الوظيفية.
مرة أخرى ليس صحيحا أن المؤسسات المستقلة أنشئت في ظل تسارع التحول إلى اقتصاد السوق والخصخصة على يد فريق تبنى هذا النهج عبر حكومات متعاقبة , فأبرز هذه المؤسسات ولدت وترعرعت في ظل حكومات ووزراء محافظون.
الهدف من إنشاء الهيئات والمؤسسات الحكومية المستقلة , كان تجاوز الروتين , ونقل المسؤولية من الإدارة إلى الرقابة والتنظيم , وسرعان ما تحولت النظرة إليها باعتبارها جزرا سلخت عن الدولة ولا تخضع لسيطرة أو رقابة , والهجوم عليها انطلق من كونها منصة لاستهداف سياسات اقتصادية بعينها.
الخلاصة أن الموقف من المؤسسات المستقلة كان سياسيا بامتياز , ولم يرنو إلى تحقيق أهداف اقتصادية , بل على العكس , أنظر إلى أداء هذه المؤسسات اليوم , فلا تسمع لها إنجازات تذكر , فما فعله الدمج هو قطف رؤوسها , دون المساس بالجسد وهو الأهم , طالما أن الدمج يشترط عدم المساس بالموظفين ولا بحقوقهم ولا بامتيازاتهم , ويعتبر ذلك كله خطا أحمر , ولا ضير في ذلك فهؤلاء جميعا هم أبناء البلد وحقهم بالعمل حق مقدس , لكنه الحديث الممجوج عن المؤسسات المستقلة كجزر أنشئت لخدمة أهداف أو تيار محدد هو ما أجج الموقف حيالها.
الجدوى الاقتصادية تغيب عندما تعبث بها أصابع الساسة !!.
الرأي