الملك ينتقد البطانة!!
هذه اول مرة يرفع فيها الملك من سقف النقد الحاد تجاه البطانة السياسية، التي تولت مواقع رسمية سابقاً، وخصوصا، من فئة رؤساء الحكومات والوزراء السابقين وغيرهم من مسؤولين.
قال الملك في الديوان الملكي البارحة ان مسؤولين متعددين صاغوا السياسات العامة وهم في مواقعهم، وبعضهم اصدر قوانين مؤقتة، والبعض الاخر استفاد من موقعه للحصول على منافع عبر خدمات فنية واستشارية، يقومون اليوم بانتقاد السياسات العامة للدولة، رغم انهم كانوا سببا فيها، وجزءا منها، وهم من وضعوها اساساً.
اضاف ان هؤلاء ما داموا في السلطة، يقولون ان كل شيء عال العال، واذا خرجوا من مواقعهم، يقولون ان «كل شي ماشي غلط، والدنيا خربانة»، وفي الحالتين انفصام سياسي لم يعد سراً مكتوماً.
من كان يقصد الملك بهذا الكلام الحاد، هل يقصد اسماء محددة، ام انه يقصد الظاهرة، ولماذا جاء هذا الكلام في هذا التوقيت بالذات؟!.
بداية، لا بد من الاشارة الى ان الملك انتقد سابقا ما اسماها بالصالونات السياسية في عمان في حديث لصحيفة كويتية، وكان النقد اياه مخففا للغاية مقارنة بكلام الملك البارحة امام اربعة الاف ومائتي شخص حضروا خطاب الملك.
اللافت للانتباه ايضا ان اغلب المسؤولين السابقين تمت دعوتهم الى هذا اللقاء، الذي حمل حديثا عن عدة قضايا، كان من ابرزها النقد الشديد وغير المسبوق للذين تولوا مواقع المسؤولية في الدولة، لتقافزهم على الحبال، ولعبهم كل الادوار.
في الكلام تحميل واضح للمسؤولية عن فشل السياسات لبعض هؤلاء لانه قال انهم هم الذين وضعوا هذه السياسات التي قد تكون تسببت بعدم رضى شعبي، لكنهم ينقلبون اليوم ويتحولون الى ناقدين، رغم انهم جزء من المسؤولية المباشرة لتلك المراحل.
بل ان في الكلام تلميحات على فساد غير مباشر من جانب هؤلاء حين يتحدث الملك عن منافع حققها بعض السياسيين في مواقعهم، والواضح ان هذه الالماح قليل من كثير، والذين يحللون قالوا ان الكلام رسالة اشمل واعمق من مجرد المنافع التي تم الحديث عنها، لتتسع الى قضايا اخرى بقيت مكتومة، وهي تحمل رسالة خطيرة ضد بعض الاسماء، وما تخفيه الملفات عنهم.
على ما يبدو، فان هناك معلومات حول نقد وكلام ينطق به سياسيون، ضد ادارة الدولة، من جانب مسؤولين سابقين، والامر لا يقف عند حدود وصف الدنيا بالخربة، او ان كل شي «ماشي غلط» نحو التحريض ضد حالة الاستقرار والتمويل المالي لبعض الفعاليات والنشاطات واشياء اخرى، بما يصب في حالة التأزيم الداخلية.
هذا يعني ان الانقلاب في الادوار بات مكلفا، لان اغلب من يخرجون من مواقعهم ينقلون البندقية الى الكتف الاخرى، وفي حالة رؤساء الحكومات في الاردن مثلا، فان اربعة فقط بقوا يتسمون بالمسؤولية بعد خروجهم، ولم ينقلبوا الى دور اخر، وفقا لتقييمات عليا.
اشارات الملك حول المسؤولين السابقين احتوت على اكثر من معنى، تحذيرشديد اللهجة، ثم تلميح على فساد ارتكبه البعض قد يأخذهم الى المحاسبة، وتحميل كامل لهم للمسؤولية على فشل اي سياسات، وتذكير بأن كل شيء يصل الى الملك عما يفعلونه او يقولونه.
الدستور