المعاهدة واللعب بالنار
ارتفعت بعض الأصوات في مجلس النواب مطالبة بطرد السفير الإسرائيلي في عمان كحد أدنى ، وإلغاء معاهدة السلام في نهاية المطاف ، وكل هذا لمجرد أن نائباً إسرائيلياً أرعن يقترح فرض السيادة الإسرائيلية على المسجد الأقصى!.
هل يعني هذا أن فرض السيادة الإسرائيلية على القدس بأكملها واعتبارها مدينة موحدة وعاصمة لإسرائيل لا يدعو لغضب مجلس النواب؟!.
ما طالب به النائب الإسرائيلي ليس اكثر من بالون اختبار ، وفرصته في النجاح معدومة ، ليس لأسباب أردنية وإسلامية فقط ، بل لأسباب إسرائيلية أيضاً ، فليس من مصلحة إسرائيل أن تبدو للعالم مسيطرة على الأماكن المقدسة إسلامياً ومسيحياً.
رعاية الأماكن المقدسة ليست منوطة بمجلس النواب الأردني بل بالهاشميين وبالملك عبد الله شخصياً ، فلماذا لا ينتظر النواب المحترمون موقف وخطة الملك والحكومة لإعادة النائب الإسرائيلي إلى صوابه ، من إجراءات واتصالات ومواقف بدلاً من القفز إلى إجراءات انتحارية.
أهم حجة ضد مطالبة النائب الإسرائيلي بفرض السيادة الإسرائيلية على المسجد الأقصى هي أن ذلك يخالف نصاً صريحاً في المعاهدة ، فكيف يكون إلغاء المعاهدة هو الرد ، مع أن من شأنه إطلاق يد إسرائيل لتفعل ما تشاء.
إلغاء المعاهدة كما يقترح بعض المتحمسين يعني تحويل حدود الأردن مع إسرائيل ، المعترف بها دولياً ، إلى خطوط وقف إطلاق النار قابلة للحركة ، فما هو الاتجاه المحتمل الذي يمكن أن تأخذه الحركة إذا اخترنا أن نعود إلى حالة الحرب بقرار من طرفنا ، مما يعتبر هدية نقدمها لإسرائيل على طبق من فضة.
الأردن ليس دولة كبرى ، ولم يعقد معاهدة سلام مع إسرائيل إلا بعد أن عقدت الشقيقة الكبرى معاهدة سلام مع إسرائيل. ولم يعترف الأردن بإسرائيل إلا بعد أن اعترفت بها السلطة الفلسطينية بتوقيع الرئيس التاريخي للشعب الفلسطيني ، فلا يجوز تحميل الأردن فوق طاقته.
على الذين يلعبون بالنار من أصحاب الأصوات العالية أن يقولوا لنا كيف يكون إلغاء المعاهدة عقاباً لإسرائيل ، وما هي الخطـوة التالية بعد الإلغاء ، وكيف سيؤدي إلغاء المعاهدة إلى تأكيد السيادة ألأردنية على الأماكن المقدسة؟.
الرأي