الفلسطينيون والإسرائيليون في عمّان!
تشهد عمان، ثلاثة اجتماعات اليوم للجنة الرباعية الدولية، وللجانبين الفلسطيني والاسرائيلي، في محاولة أردنية لتهيئة الارضية لعودة مفاوضات السلام، وفقاً للمنطوق الرسمي، دون ان يبالغ الاردن في رفع سقف التوقعات بسبب عقد اللقاء على اراضيه.
وزير الخارجية ناصر جودة يقول البارحة في لقاء مع كتاب صحفيين ان دور الاردن ليس الوساطة بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي، كما ان الاردن ليس طرفاً بالمعنى المباشر، إذ ان دوره تهيئة الارضية فقط، للقاء الجانبين.
يضيف: الاردن قد يقترح اجندة لانطلاقة المفاوضات، وان المفاوضات قد تجري في عمّان، في الاغلب، وربما في دول اخرى.
يشير الى ان الاردن يلام اذا لم يتدخل في قضايا الحل النهائي، معترضاً على اللوم ايضاً على تدخل الاردن في قضايا الحل النهائي عبر عقد مثل هذا اللقاء في عمان، وكأنه يتم لذع الاردن في الحالين!.
يصف الوزير كل القصة بأنها حفاظ على المصالح الاردنية العليا، وان كلفة الفشل ليست على عمان، التي ينحصر دورها فقط في جمع الاطراف في وزارة الخارجية، وربما في اماكن اخرى في الاردن.
سألت الوزير عن سر التوقيت، وهل يحتمل الاردن فشل اللقاءات، وأي توظيف سياسي محلي لقدوم وفد اسرائيلي يرأسه محامٍ مفوض من حكومة نتنياهو للتفاوض، ويرافقهم ايضاً وفد اعلامي اسرائيلي؟!.
اجاب ان هذه اللقاءات نتاج جهد اردني مستمر طوال الشهور الماضية، ولا سر في التوقيت، كما ان الاردن لا يحتمل كلفة اي فشل، لان الاردن يوفر فقط حاضنة المكان والارادة السياسية لعل مفاوضات السلام تعود الى زخمها.
الملك سيغادر الى واشنطن في السابع عشر من الشهر الجاري، والامريكيون الذين بدأ عامهم الانتخابي سينشغلون بعد قليل بالانتخابات، والاردن يريد الاستفادة من بداية العام للحصول على دعم امريكي لانطلاقة عملية السلام.
ما لا يقال في هذا الصدد، كثير، اذ ان المراهنة على تنازلات اسرائيلية للفلسطينيين، مراهنة خاسرة، واغلب الظن اننا لن ننال من هكذا استضافة سوى جمع الاطراف، ثم انفراط عقدهم في وقت لاحق، لان الفشل عنوان مزمن لعملية السلام.
على هذا لا نقنع بمبررات عقد اللقاءات في عمان، خصوصاً، ان الضفة الغربية التي يراد التفاوض بشأنها، ذهبت نصف اراضيها، والقدس قيد التهويد، فلماذا يدعو الاردن لعقد لقاءات في عمان، مصيرها الفشل مسبقا؟!.
سألت الوزير اذا ما كانت هناك اتصالات سرية رتبت للمرحلة المقبلة، لا نعرف عنها، فيما تأتي هذه اللقاءات شكلية لتسييل ما تم الاتفاق عليه، وهل سيتم جمع نتنياهو وعباس في عمان في وقت لاحق؟!.
نفى الوزير وجود "طبخة" في السر، قائلا ان كل الاتصالات فنية لترتيب هذه اللقاءات وحتى لا يلام الاردن بأنه لا يبذل اي دور تجاه عملية السلام، مشيراً الى ان لا ترتيبات حالياً لجمع عباس مع نتنياهو، في عمان.
لماذا لا تعترف كل الاطراف بالحقيقة الكبرى. اسرائيل لا تريد دولة فلسطينية، ولا تريد رد ارض الضفة الغربية الى الفلسطينيين ولا الى الاردنيين ايضاً، ولا حتى الى عهدة الفراعنة، وتستفيد من لعبة السلام لبناء مستوطنات في القدس والضفة، واكمال مشروعهم.
بهذا المعنى نمنح الاسرائيليين فرصة للتنفس الدبلوماسي، فيما كلفة الفشل للقاءات عمان اليوم، سترتد علينا، آجلا ام عاجلا، لان لا مهرب من الكلفة، حتى لو قلنا اننا نوفر ارضية اللقاءات فقط.
نوايا الوزير وحكومته، نوايا طيبة وحسنة تريد مساعدة الفلسطينيين، غير اننا سنكتشف لاحقا ان الاسرائيليين كعادتهم التاريخية، يأخذون ولا يعطون، كما ان ضغط الملف الداخلي الاردني لا يمنحنا ترف الانطلاق اقليمياً هذه الايام.
لقاءات عمان، لعب في الوقت الضائع، وكلفة الفشل تبدأ من خسائر الضيافة وتصل الى الثمن السياسي.
الدستور