الغضب من أجل الرسول

الغضب من أجل الرسول
الرابط المختصر

لا شك أنّ فيلم "براءة المسلمين: النبي محمد" ليس فقط مسيئاً وقبيحاً، يكرر ويجتر الشبهات الخشبية على حياة الرسول وسيرته الشريفة، إلاّ أنّه أيضاً خطر، ويطرح تساؤلات عميقة عن الجهة التي تقف وراءه وتحاول إشعال الصدامات الدينية والطائفية في المنطقة العربية؛ فهو ليس فيلماً بلا أب، بل وراء الأكمة ما وراءها!صحيح أنّ الإنتاج المستخدم في الفيلم بدائي، والممثلين (الذين يقال إنّهم أميركيون) مغمورون، وأنّ الأفكار مسطّحة وبدائية والهجوم سافر، إلاّ أنّ الصورة التي يقدّمها تبقى مرعبة، تحمل في ثناياها تحريضاً كبيراً على المسلمين ودينهم.

وفي ظل قصور الجهود الإعلامية والثقافية التي تنشر الأفكار الصحيحة عن الرسول والإسلام، فإنّ مثل هذه الصورة "الساذجة" ستجد كثيراً من الغربيين والأميركيين يصدقّونها ويؤمنون بها.

وفي نهاية اليوم الهدف منها واضح تماماً؛ وضع اليهود والمسيحيين في خندق ديني واحد ضد المسلمين، بوصفهم -وفق النتيجة الوحيدة التي تترتب على الفيلم- همجاً وسذّجاً وسطحيين.هل حقّق الفيلم أهدافه؟أحسب أنّ من حقق أهداف هذا الفيلم المشبوه هم من قاموا بعملية تعبئة وتحريض هستيرية، وقاموا بتأجيج عواطف ومشاعر الناس.

إذ شاهدنا محاولات اقتحام السفارات الأميركية في كل من اليمن وليبيا وبنغازي، مع مقتل السفير الأميركي هناك، وأنواع التعابير كافة التي حقّقت للفيلم أهمية ومكانة، ونقلته بين ليلة وضحاها من فيلم سخيف مغمور إلى حديث العالم والإعلام، رغم أنّ منتجه غامض، وميزانيته بدائية، وممثليه مغمورون!من حق رسولنا عليه السلام أن نغضب لأجله، وأن نشعر بالألم، وأن نبعث برسالتنا حول هذا الأسلوب الهمجي والبدائي في التعبير عن العداء للمسلمين ديناً وحضارة وثقافة. وكان يمكن أن نقلب السحر على الساحر، في تسليط الضوء على الكراهية للمسلمين والإسلام، وعلى دور اليمين الديني العنصري هناك.

لكن، للأسف، وكأنّ ردود الفعل التي حدثت جاءت تعزيزاً لأهداف الفيلم وثيمته الرئيسة!فوق هذا وذاك، أتعجّب كيف يمكن لفيلم بهذا الحجم الرديء المتواضع من الإعداد والإنتاج والإخراج أن يهزّنا إلى هذه الدرجة، وأن يفجّر كل هذه البراكين المكبوتة من المشاعر النبيلة للمسلمين والولاء الصادق لدينهم ولأمتهم! لكنّ مشاهد القتل والذبح والتعذيب والتدمير بحق الأطفال والنساء والأبرياء، وهدم المدن على رأس أهلها، والإبادة الجماعية التي يتعرّض لها السوريون على يد النظام الوحشي هناك، لا تحرّك شيئاً في الشارع العربي، برغم أنّ حفط النفس والعقل والمال والدين هي جوهر الرسالة الإسلامية المحمّدية، فما يحدث في سورية يومياً يسيء للرسول الكريم، وهو أكثر إيذاءً له في قبره من هذا الفيلم السخيف!نحن بحاجة إلى علماء وفقهاء وإعلاميين ومثقفين على درجة من الذكاء والهدوء والحكمة والعقل، يدركون أبعاد الألعاب السياسية والإعلامية، ويخرجون عن الطريقة التعبوية السطحية السهلة في التحشيد والتحريض، ويسلكون في الناس سبلاً حضارية مرموقة للتعبير عن مشاعرهم الدينية وتوظيفها في المسار الصحيح، فهذه الطريقة لم تؤدّ إلا إلى نتائج سلبية وعكسية في كثير من الأحيان.

الغد

أضف تعليقك