العبوات الناسفة الحقيقية
سأستبق التحقيق وأجزم لكم أن الذين زرعوا العبوة الناسفة وقتلوا الشهيد علي قوقزة في مهرجان الفحيص يوم أمس تربوا وترعرعوا على فقه ابن تيمية وأبي الأعلى المودودي وباقي شيوخ الوهابية...
سأجزم لكم أن المجرم نشأ وهو يسمع شيخاً يكرر له أن الموسيقى والغناء يؤديان إلى "الشرك والفحشاء"، وأن سبب مصائب وبلاوي هذه الأمة هو "الإختلاط والفجور" الذي يصاحب مهرجانات الفن والرقص...
سأجزم لكم أن المجرم قد تشبّع عقله بأحاديث تحريم "المعازف" وباقي الافتراءات التي تدّعي بأن الله سيصهر الآلات الموسيقية يوم القيامة ويصبها في إذن كل من كان يستمع إليها...
سأجزم لكم أن المجرم كان قد سمع النائب في البرلمان وهو يصرح على الملأ بأن مهرجان جرش يسبب الزلازل ويهتز له عرش الرحمن غضباً لما فيه من "معصية وفسقٍ ومُجون"...
سأجزم لكم أن المجرم هو من تلاميذ مدرسة سيّد قطب الذي أفتى بأن الشعوب والمجتمعات الإسلامية بأكملها مرتدة عن الدين الصحيح، وأن البشرية برمتها "عادت إلى الجاهلية" وتجب محاربتها لأنها "ارتدت إلى عبادة العباد وجَور الأديان"، كما اقتبس الدواعش من كتابات سيّد قطب التي استندوا إليها أثناء حرقهم للشهيد معاذ الكساسبة ...
ولذلك لا معنى إطلاقاً للإدانة الهزيلة لرئيس الوزراء في تغريدته بأن "الأردن سيبقى سيفاً صارماً في عنق الإرهاب" طالما أن هذا الفكر الوهابي لا زال يُدَرَّس في مدارسنا وجامعاتنا ومن على منابر المساجد دون رقيبٍ أو حسيب...
يا دولة الرئيس، هنالك شوارع رئيسية ومعاهد ومدارس في عاصمتنا تحمل أسماء شيوخ التكفير والقتل والإرهاب، فأين هو سيفك الصارم أمام هذه المهزلة؟
العبوات الناسفة الحقيقية التي أدت إلى استشهاد الرقيب علي قوقزة بالأمس وجرح رفاقه هي تلك التعاليم الدموية التي تم زرعها في عقول أجيال من الأردنيين خلال أكثر من أربعين عامٍ من الغزو الوهابي...
فالعقارب التي لدغتنا في الفحيص لا تزال تعيش بيننا وتتنفس هواءنا وتشاركنا خبزنا وماءنا، ولن نتخلص من هذا الوباء التكفيري في هذا المشرق قبل أن نعترف بأصل الداء ونبدأ العمل الحقيقي من أجل تطهير أوطاننا من هذه العقارب السامة...