الطعن بصحة نيابة أعضاء مجلس النواب السابع عشر

الطعن بصحة نيابة أعضاء مجلس النواب السابع عشر
الرابط المختصر

بدأت قبل أيام المدة التي حددها الدستور الأردني للناخبين للطعن بصحة نيابة أعضاء مجلس النواب السابع عشر بعد أن تم نشر أسمائهم في الجريدة الرسمية كفرصة أخيرة قبل أن تثبت عضويتهم وتتحصن بشكل كامل. وبموجب التعديلات الدستورية الأخيرة لعام 2011، فقد تقرر حق الناخبين في الطعن بصحة نيابة أعضاء مجلس النواب أمام محكمة الاستئناف التابعة لها الدائرة الانتخابية للنائب المطعون بصحة نيابته وذلك خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ نشر نتائج الانتخابات في الجريدة الرسمية استنادا لأحكام المادة (71) من الدستور. فبعد أن كانت الجهة المختصة دستوريا في النظر بالطعون النيابية هي مجلس النواب نفسه بقرار يصدر بأكثرية ثلثي أعضاء مجلس النواب، تقرر سحب هذا الاختصاص من مجلس النواب وإسناده إلى القضاء وذلك تأكيدا للولاية العامة للسلطة القضائية في الفصل في المنازعات، على اعتبار أن الطعن بصحة عضوية النائب هي في حقيقتها منازعة ينبغي للفصل فيها تطبيق أحكام الدستور والقانون. فهذه المنازعة تدخل في صميم عمل السلطة القضائية وليس السلطة التشريعية ممثلة بمجلس النواب الذي دائما ما كان يفصل في الطعون الانتخابية على أسس حزبية أو إقليمية أو عرقية، ولم يسبق له وأن قبل أي طعن بصحة عضوية أي نائب على مر الانتخابات النيابية السابقة.

إن المشرع الدستوري وإن كان قد وفق في إخراج الطعون النيابية من ولاية مجلس النواب الذي كان يشكل الحكم والخصم في الوقت نفسه، إلا أنه لم يكن موفقا في اسناد هذا الاختصاص إلى محكمة الاستئناف، فهي ليست الجهة القضائية الأمثل للفصل في الطعون النيابية والتي تنطوي على منازعة في أحكام القانون العام. لذا فقد كان الأفضل لو أن الاختصاص في الطعون الانتخابية قد أعطي للقضاء الإداري كونه الجهة الأكثر قدرة على تطبيق نظريات وأحكام القانون العام نظرا للطبيعة الإدارية للطعون الانتخابية، وكونه أكثر قدرة من القضاء النظامي على تفهم روح القانون العام الذي يحكم موضوع الطعن في صحة عضوية النائب. هذا إضافة إلى أن التعديلات الدستورية الأخيرة قد جعلت القضاء الإداري في الأردن على درجتين وذلك في المادة (100) من الدستور، بالتالي فإن القرار الصادر في الطعن بصحة عضوية النائب عن القضاء الإداري المحكمة الابتدائية سيكون قابلا للطعن أمام محكمة القضاء الإداري العليا.

كما أن إعطاء الاختصاص للقضاء الإداري في الفصل في الطعون الانتخابية من شأنه أن يوحد المبادئ والأحكام القضائية حول المنازعات المتعلقة بالطعون الانتخابية، ذلك أن وجود ثلاث محاكم استئناف في الأردن لا تخضع أحكامها لرقابة محكمة عليا من شأنه أن يخلق حالة من التعدد في التفسير التشريعي وفي فهم القانون وتطبيقه نظرا للاختلاف المتوقع في الاجتهاد القضائي بينهم.

ولم يكتف المشرع الدستوري بأن أحال الطعون بصحة العضوية لمحكمة الاستئناف، بل اعتبر أن القرارات القضائية الصادرة عنها نهائية وغير قابلة لأي طريق من طرق الطعن، وهو ما يشكل إنكارا للعدالة ومخالفة للمعايير الدولية في حق التقاضي على درجتين. فالغريب في الأمر أن يسحب الدستور اختصاص الطعون الانتخابية من مجلس النواب الذي يمثل جهة غير قضائية لا تحقق أبسط قواعد العدالة من حيث التقاضي على درجتين، وأن يقرره للقضاء النظامي مع إنكار الحق بالطعن بالقرار الصادر إلى محكمة أعلى.

إن أهمية الطعن بالقرار الصادر عن محكمة الاستئناف في الطعون الانتخابية تكمن في أنه ولأول مرة قد تقرر منح محكمة الاستئناف الحق في إعلان بطلان نتائج الانتخاب في الدائرة التي تعلق الطعن بها إذا ما تبين لها نتيجة نظرها في الطعن المقدم أن إجراءات الانتخاب في تلك الدائرة لا تتفق وأحكام القانون. فمثل هذا الحكم الصادر عن محكمة الاستئناف يتجاوز نطاق تطبيقه وحجيته كلا من الطاعن والمطعون بصحة نيابته إلى جميع النواب الذين تم انتخابهم عن تلك الدائرة الانتخابية التي تقرر إعلان بطلان نتائج الانتخاب فيها، ما يبرر منحهم الحق في الطعن بهذا القرار أمام جهة قضائية عليا.

وتبقى المشكلة الأكبر في الفقرة (4) من المادة (71) من الدستور التي تعتبر الأعمال التي قام بها العضو الذي أبطلت المحكمة نيابته قبل إبطالها صحيحة. إن مثل هذا الحكم من شأنه أن يضفي شرعية على كافة الأعمال التي قام بها النائب الذي ثبت فيما بعد عدم قانونية عضويته في المجلس بسبب وجود تجاوزات ومخالفات قانونية في انتخابه، فما الحال لو كان صوت ذلك النائب الذي صدر القرار ببطلان عضويته قد كان صوت الترجيح في منح الثقة للحكومة على البيان الوزاري؟.

وكحل لهذه المشكلة، فإننا نقترح أن يتقرر حق الطعن في صحة نيابة أعضاء مجلس النواب قبل أن يبدأ مجلس النواب أعماله ومهامه دستوريا، وأن يتم اختصار المدة الزمنية اللازمة لتقديم الطعن إلى القضاء والمدة الممنوحة للمحكمة المختصة للبت فيه، وذلك لكي لا يتعارض ذلك التأجيل مع الاستحقاقات الدستورية الأخرى المتمثلة في بدء مواعيد الدورات البرلمانية.

* أستاذ القانون الدستوري المساعد في كلية الحقوق في الجامعة الأردنية

العرب اليوم

أضف تعليقك