الصواريخ التي أراقت دماءنا
يحق للأردنيين ان يغضبوا عندما تنهمر عليهم الصواريخ، وتريق دماء أبنائهم لأنهم ما كانوا يوما إلا دعاة اعتدال وسماحة، ولم يطأوا لأحد على طرف بل تحملوا استشاطات وأذية الانظمة الشمولية والثورجية الجارة. ويحق لهم ان يؤكدوا التفافهم حول دولتهم في حربها ضد الإرهاب في أقاصي الدنيا وجنباتها، وقد جاء الوقت ربما لكي يتوسع مجهود مكافحة الإرهاب في خاصرة الأردن الجنوبية، ضمن إطار جماعي للدول القريبة من جنوبنا، وأن تتأكد هذه الدول كافة أن ليس بين ظهرانيها من يقلقل أمن جيرانه.
في السياق السياسي لما حدث، نؤيد من ذهب أن هذه الصواريخ تحمل رسالة سياسية واضحة، وهي محاولة الفتك بجهود استئناف التفاوض وتبديد أجواء التضامن الإقليمية الأخيرة التي أفضت لعدد من التفاهمات الاستراتيجية على عدد من القضايا.
دعاة التخريب ليسوا بالضرورة ضد التفاوض ولا التسوية، وإنما هم فئة لا تفهم معنى كلمة تسوية ولا تفاوض، أو أنهم يخربون لانهم ليسوا من يقود جهود التسوية والتفاوض، في مؤشر انتهازي بات جليا لكثيرين. هؤلاء فئة لا تعرف إلا الخوف والتخويف. وهي لا تريد لهذا الاقليم إلا أن يكون مشتعلا على نفسه وأهله، وأن لا حق لأحد فيه أن يفاوض إلا هم بعد ان احتكروا الحقيقة ووضعوا من يختلف معهم في خانة الخائن والبائع.
المريح أن أهداف التطرف والإرهاب وآليات عملهما باتت جلية للأغلبية من أبناء هذا الاقليم، وهذه الصواريخ على خبثها ولا إنسانيتها لم تحقق أهدافا سياسية تذكر بقدر ما زادت درجة الوعي بمآرب الإرهابيين وحقدهم.
ما حدث في العقبة، يؤكد أن الإرهاب لا يعرف حدودا ولا رحمة، وهو حاقد لا يفرق بين مدني أعزل أو صبي أو امرأة، فكل أولئك أهداف مستباحة استساغها الإرهاب، وما حدث يذكرنا أيضا بأحقية أن يكون الأردن في طليعة من يحاربون الإرهاب، وأن يستمر بتبني منهجية أمنية وقائية تتعدى حدوده الجغرافية، ليس فقط حفاظا على أمنه وأمن أهله وأراضيه، وإنما ذودا عن الدين الحنيف الذي امتطاه الإرهاب وسلب منه سلامه ورحمته ورفعته. صوت محاربة الإرهاب يجب ان يعلو ويتعالى ردعا للإرهابيين، وإسكاتا لمن استعدوا الإسلام بحجة محاربة الارهاب.
الصواريخ تأتينا من الخارج وليس من بين ظهرانينا، ولذا وبكل فخر نسجل الإجلال لرجال الاردن الساهرين على أمن نسائه وشيوخه الذين ما انفكوا يضربون لنا دروسا في التضحية والإخلاص والتفاني.
العقبة باتت خاصرة الأردن المستهدفة من قبل الإرهاب اللعين، وهي بحاجة لترتيبات وإمكانات خاصة تضمن لنا ولها عدم تكرار ما حدث، وهذا قد يتسنى من خلال الاستعانة بالتكنولوجيا الأمنية الحديثة التي ترصد الخطر خارج أراضي البلد قبل أن تدنسه، ومن خلال تفاهمات سياسية تزيد من منسوب التعاون الأمني الضروري لأمن جنوب الاردن المرتبط بأربع دول أخرى.