الصندوق والضمان..عودة الفرع للأصل
طالما يدور الحديث على المستوى الرسمي عن دمج المؤسسات والهيئات المستقلة في اطار ضبط النفقات وتوحيد الموارد والجهود فاننا لغاية الان لم نسمع شيئا عن واحدة من اهم المؤسسات ان لم تكن الاهم تحتاج الى وقفة مراجعة بعد ان تعرضت في السنوات الماضية الى سلخ رئتها التي تتنفس بها الا وهي المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي.
طالما كانت هذه الاموال محط انظار تلك الفئة المستشرقة من مسؤولي الدولة, ونظروا اليها على اعتبار انها اموال صالحة للاستخدام والتوظيف متى شاءوا, متناسين ان اموال الضمان هي اموال ومدخرات الاردنيين والاجيال القادمة, ولا يجوز المساس بها او المغامرة بها.
ولوضع اليد على تلك الاموال كان لا بد من تغيير الهيكل التنظيمي للمؤسسة العامة للضمان الاجتماعي وكف يدها عن ادارة تلك الاموال التي تناهز فوق حاجز الخمسة مليارات دينار موزعة بين نقد وعقارات ومساهمات في كبريات الشركات الحيوية في المملكة.
لذلك تركزت الجهود على فصل ادارة اموال الضمان عن المؤسسة بحجة ان الامر يتطلب بيوت خبرة لاستثمار وتنمية اموال الضمان الاجتماعي.
فعلا جرى تفصيل قانون يفصل المؤسسة العامة للضمان عن استثمار اموالها والتي سميت فيما بعد بالوحدة الاستثمارية ثم صندوق استثمار اموال الضمان الاجتماعي غالبية اعضائه يتم تعيينهم من القطاع الخاص على اعتبار انهم اصحاب قدرات في استثمار اموال الضمان.
الحقيقة ان المسألة لم تكن بحاجة الى كل تلك العملية, فالقضية باتت معروفة للرأي العام وللمراقبين بعد حالة الهلع التي اصابت المسؤولين بتوظيف اموال الضمان وفق اجنداتهم, فالبعض اراد ان يبني سفارات في الخارج بتمويل من الضمان, واخرون ارادوا ان يأسسوا محفظة عقارية استثمارية في لندن,وبعضهم اراد ان يحول اموال الضمان للمساهمة في تمويل مشاريع "هوائية", واخرون وجدوا في تلك الاموال فرصة مواتية للاقتراض منها تحت وطاة ضغوطات رسمية.
في النهاية كان »الضمان« وامواله محل صراع من قبل فئات المسؤولين الفهلويين خلال السنوات القليلة الماضة, علما ان نمو اموال الضمان في السنوات القليلة الماضية تم من خلال عنصرين رئيسيين اولهما ارتفاع قيمة الموجودات التي تملكتها الضمان في بداية الثمانينيات, وارتفاع ارسعار الاسهم عامة واسهم الشركات التي تساهم بها الضمان بشكل حيوي ثانيا.
هذا يقودنا الى ان فصل ادارة »الضمان« عن امواله لم تحقق اية اهداف مالية ايجابية, والواقع ان كل ما جرى هو تحويل المؤسسة العامة للضمان الى جاب للاموال التي تحول الى صندوق يديره مجموعة من الاشخاص اغلبهم من القطاع الخاص.
باستطاعة الحكومة ان تنمي عملية استثمار اموال الضمان دون اللجوء الى عملية الفصل بين »الضمان« والصندوق, وكل ما في الامر هو الحاق الصندوق بالمؤسسة وايجاد وحدة داخلها لاستثمار الاموال ويمكن الاستعانة بافضل بيوت الخبرة المالية والمصرفية دون ان نعمل هذا التقسيم المريب, فلا بد من عودة الفرع للاصل, والاردن لا يحتاج الى كل تلك التقسيمات في الهياكل والمؤسسات الرسمية, انما هو بحاجة الى توحيد العمل المؤسسي والحفاظ على الموارد المحدودة وتطويرها
العرب اليوم