(الحكومة تعزف ونواب يرقصون)

(الحكومة تعزف ونواب يرقصون)
الرابط المختصر

ليس صحيحا ان المقصود بتكاملية العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية هي تبادل الادوار , انما تعني تكاملية الاختصاص المؤسسي الذي حدد اطاره الدستور , هناك من ينفذ ومن يراقب ومن يحاسب .

ما نشاهده اليوم من علاقة غير طبيعية بين حكومة الرفاعي ومجلس النواب الجديد يبعث على القلق , لان هيبة السلطة التشريعية تتعرض لضغوطات غير مسبوقة من نظيرتها التنفيذية , وهو الامر الذي يهدد استقلالية مجلس النواب في اتخاذ قراره بمعزل عن صفقات حكومية مع نواب ستظهر جليا للراي العام عما قريب.

منذ اليوم الاول لانعقاد الدور العادي وكما يقال " المكتوب مبين من عنوانه" , المجلس الذي قَبِلَ 48 قانونا مؤقتا من الحكومة من دون مناقشتها باستثناء نائب واحد بدا ظاهرا للعيان مدى سطوة الحكومة على النواب الذين خالفوا ابسط قواعد الدستور, وهنا لابد ان نُعَرّج على ما قاله رئيس مجلس النواب في كلمة الثقة الاستثنائية التي القاها حيث اشار بوضوح الى ان المجلس ليست وظيفته رد القوانين وانما تعديلها , ونقولها بصراحة ان هذا الاعتقاد خطأ ومخالف للدستور اولا واخيرا , انما وظيفة مجلس النواب هي المحافظة على تطبيق الدستور نصا وروحا, ونص المادة 94 من الدستور التي تعطي حق التشريع المؤقت للحكومة محصورا في حالتين استثنائيتين فقط لا ثالث لهما هي اتخاذ تدابير ضرورية لا تحتمل التأخير أو تستدعي صرف نفقات مستعجلة غير قابلة للتأجيل , فلا اجتهاد في نص , وان كان هناك اختلاف في التفسير دائما ما تبرره الحكومة والنواب معا فليكن الفيصل في هذا الشأن هو القضاء اهل الاختصاص .

من المفترض ان يكون مجلس النواب هو حامي الدستور ويدافع عن تطبيقه بكل ما في الكلمة من معان جلية , وعلى هذا الاساس فالسادة النواب مطالبون بفهم بنود الدستور والحقوق التي منحها لهم ابو القوانين , بدلا من ترك الامور لاجتهادات غوغائية لا تليق بنواب الامة الذين سرعان ما ينهالون بالشتم والاساءة للاعلام لمجرد نقد ادائهم اذا ما خرجوا على القانون , فالاعلام يدافع عن صورة الاردن ولا يدافع عن اشخاص .

فليس من المعقول ان يتحدث نائب بان مشاجراته المستمرة مع زملائه النواب هي شأن داخلي لا يحق للاعلام التركيز عليها, ولا ادري ماذا يقصد النائب بشأن داخلي ? , الا يعلم سعادته ان كل ما يجري تحت القبة هو شأن عام ومن حق الرأي العام الاطلاع على أدق تفاصيله , يبدو ان هناك نوابا يعتقدون ان وظيفة الاعلام مقتصرة على تسليط الضوء على كلماتهم الرنانة امام الكاميرات وهم يشتمون الحكومة ثم يمنحونها الثقة كما حصل مؤخرا, هل يعقل هذا المنطق! .

ايضا رئيس مجلس النواب اعتبر ان مطالبات بعض النواب بنقابة معلمين هو امر غير دستوري , والواقع انه دستوري 100 بالمئة , وهذا حق اصيل للنائب الذي منحه الدستور حق الحديث المطلق تحت القبة في القضايا العامة, ولا يجوز لاي كان توجيهه بوضع ضوابط على كلماته .

ولا يعيب الاعلام شيئا بنقد النواب الذين منحوا ثقة مطلقة للحكومة بعد سيل من الشتائم التي انهالوا بها على السلطة التنفيذية , فالنقد ليس على موضوع الثقة , وانما على الاسلوب في الطرح والخشية من ان هذا السلوك سيترك اثاره على مصداقية مجلس النواب لدى الشارع.

ليس من مصلحة النواب الرقص على عزف حكومة الرفاعي , المصلحة تقتضي اخذ زمام المبادرة في الاصلاح والمساءلة وتنفيذ توجيهات جلالة الملك بالابتعاد عن اسلوب المقايضة بين السلطتين والاحتكام للقانون , وليس المطلوب من الاعلام انتظار عام حتى نحكم على اداء المجلس , المصلحة تقتضي مراقبته من اليوم الاول.

العرب اليوم