الحكومة الصائمة

الحكومة الصائمة

هل تدفعُ الحكومةُ الأردنيةُ رواتبَ لموظفيها، أم حسناتٍ في ميزان أعمالهم، لتجعلَ الدوام الرسمي في رمضان خمسَ ساعاتٍ فقط، عوضاً عن سبع، وتمنحهم مجاناً ساعتين يوميّاً للراحة، ولمواجهة الجوع، والنيكوتين، وغضب الطريق، وعلى الخزينة والاقتصاد أنْ يتحمّلاْ كلفة ذلك؟

الدوامُ الرسمي في رمضان، وفق تعميمٍ، تكرره الحكوماتُ سنوياً، يبدأُ في الساعة العاشرة صباحاً، وينتهي في الثالثة عصراً. علماً أنّ الإمساك عن الطعام والشراب عند حدود الرابعة فجراً، والإفطار حول السابعة والنصف، ما معناه أنّ هناك توقيتاً مريحاً لدوامٍ معتادٍ في الثامنة صباحاً، ولمدة سبع ساعات، للصائمين، وغير الصائمين من المسلمين والمسيحيين، وغيرهم في القطاع العام، بما يُراعي الحاجة للعبادة الرمضانية، والنوم، وكذلك متابعة موسم الدراما الطويل.

العملُ شكلٌ من أشكال العبادة، كما درسنا في كتب الحكومة المدرسية، التي أخبرتنا أيضاً عن مكانة رمضان في تاريخ الجهاد الإسلامي، والانتصارات التي شهدها في معركة بدر، وفتح مكة، وعمورية، وسواها. فلماذا الانتقائية، وما الحكمةُ من تقليص ساعات العمل إلى خمس ساعات على المكاتب، ثمّ ضبط الحياة، والاقتصاد، والنوم، واليقظة، وكذلك حركة النقل، والتجارة، والمدارس والجامعات على ايقاع الدوام الرمضاني، سوى أنّ الدولة تحرصُ على مراعاة وظيفتها الدينية، أكثر من حرصها على أيّ مصلحة أخرى، تتعلق بمعيشة الناس وشؤونهم، وتعليمهم، وصحتهم، في بلدٍ يعاني فيه القطاعُ العام من الترهّل والحمولة الزائدة، وضعف الإنتاجية، ويتقاضى رواتبَ كاملة لدوامٍ منقوص طوال ثلاثين يوماً، كلّ سنة.

الدولةٌ الأردنيةُ التي يصومُ قطاعُها العام عن الدوام الكامل والطبيعي، لديها قانون، لا يُلزم القطاعَ الخاصَ بتقليص ساعت العمل في رمضان، لتبدو الحكومةُ أكثرَ حرصاً على الصوم، وأشدَّ تقديراً للجوع والعطش من القطاع الأهلي، فيما احتياجاتُ الناس ومعاملاتهم أكثر ارتباطاً مع المؤسسات والدوائر الحكومية.

 ربّما، تستطيعُ الحكومةُ أنْ تُحدّد ضوابط لدوام العمّال في رمضان، وتجعلُ الصيامَ أقلّ مشقة على الذين يعملون في البناء والورش الصناعية، وكلّ عمل يتطلبُ جهداً عضليّاً في القطاعين العام والخاص، خصوصاً مع ارتفاع درجات الحرارة في حزيران، في حين يبدو تقليصُ ساعات الدوام للموظفين في مكاتبهم، أمراً غير مفهوم، ولا يُراعي عجلة الإنتاج في القطاعات المختلفة.

أخيراً، لماذا تتجاوزُ الحكوماتُ في هذا الشأنِ تحديداً دائرةَ إفتائها الرسمية في البحث عن مخرج فقهي لدوام كامل، بدلاً من تفرّغها لأحكام نتفِ حواجبِ النساء، وجواز سماع الموسيقى!   

 

باسل رفايعة: صحافيّ أردنيّ، عمل في صحف يومية محلية، وعربية.

أضف تعليقك