الجفاف وهيبة الدولة!

الجفاف وهيبة الدولة!
الرابط المختصر

على مدى الأشهر القليلة الماضية، تمكنت وزارة المياه وسلطة المياه، من تفكيك عشرات الاعتداءات الكبيرة على مصادر المياه، في مناطق مختلفة من المملكة، كان يتم من خلالها السطو على ملايين الأمتار المكعبة من المياه في وضح النهار، واستخدامها في التجارة الحرام، فيما يرزح عشرات آلاف المواطنين في أحياء ومناطق واسعة تحت العطش ونقص المياه.

أمس، كانت سلطة المياه، بالتعاون مع الأمن العام والدرك، على موعد مع تفكيك اعتداء على ثلاث آبار مخالفة في وادي السير، كانت تقوم ببيع المياه عبر الصهاريج للمواطنين، فيما كان يتم تشغيلها عبر كهرباء مسروقة أيضا من الشبكة العامة.

ولا يكاد يمر أسبوع منذ عدة أشهر، إلا وتعلن وزارة المياه عن تصديها لاعتداء كبير على مصادر المياه؛ إما على آبار ارتوازية أو على خطوط مياه ناقلة رئيسة. وهي مخالفات وسرقات كبيرة للمياه، جرت وترسخت على مدى سنوات قليلة ماضية، في غفلة من قانون، وتواطؤ من مسؤولين، أو تهرب من مسؤوليات.

ومن نافلة القول التأكيد على أن حملة وزارة المياه لم تكن لتنجح وتثمر وتستمر، لولا توفر الإرادة السياسية والرسمية، وإسناد الوزارة و"السلطة" بدعم وزارة الداخلية والأمن العام وقوات الدرك، للتصدي لهذا الملف الكبير والمهم، والذي تفاقم وتضخم في السنوات الثلاث الماضية التي شهدت تراجعا في هيبة الدولة والقانون، وتهرب مسؤولين من مسؤولياتهم، بحجة تجنب استفزار الشارع! فيما الحقيقة هي تجنب استفزار بعض مراكز القوى، أو كسبا لتواطئها سياسيا مع الحكومات.

اليوم، يمكن القول بثقة إن التصدي القانوني والسياسي للتجرؤ على القانون والموارد والأموال العامة، هو أمر ممكن، ولا يمكن أن تقف في وجهه بؤر ساخنة أو باردة؛ وأن الأمر لا يحتاج إلا للتسلح بالقانون، والتزام المسؤولين والحكومات بمسؤولياتهم، وعدم التهرب منها لغايات مصلحية أو سياسية. هذا فضلا عن عمل المؤسسات الحكومية والرسمية ضمن فريق واحد، وضمن خطة واضحة وممنهجة.

وتكتسب حملة إزالة المخالفات والاعتداءات على مصادر المياه أهمية كبيرة اليوم، في ظل حالة الجفاف التي تطل برأسها مع شح الأمطار في الموسم الشتوي الحالي، وما يهدد به ذلك من نضوب لمصادر مياه وينابيع، وتراجع قدرة مصادر كثيرة خلال الصيف المقبل، فيما يتزايد الطلب والاستهلاك على المياه بصورة كبيرة، خاصة في ظل تزايد حركة النزوح السوري إلى المملكة.

حالة الجفاف وشح الأمطار، مع تزايد الطلب على المياه في المملكة، تستدعي وضع خطط طوارئ، وإعادة تأهيل لمشاريع مائية ومصادر جديدة. كما تحتاج أيضا إلى خطط ترشيد وطنية للمياه. لكن كل هذه الخطط والإجراءات لن تجدي أو تلقى تجاوبا وتفهما من المواطنين، إلا إذا تواصلت حملة الحكومة ووزارة المياه على الآبار المخالفة والاعتداءات الكبيرة على مصادر المياه، وعدم التهاون في إنفاذ القانون على الجميع.

الغد

أضف تعليقك