البلطجية في الكرك : الثمن باهظ جداً

البلطجية في الكرك : الثمن باهظ جداً
الرابط المختصر

الاعتداء على شباب الحراك الشعبي في الكرك, خلال مسيرة الجمعة الدورية, تطور مقلق للغاية. فهي المرة الأولى التي تنتقل فيها البلطجة من عمان إلى المحافظات. وهنا, لا أحد يستطيع التنبؤ بردود الأفعال.

لا أحد يصدّق, للحظة, أنها ليست اعمالا مدبرة ومحمية من قبل الأجهزة الرسمية. ومن العجيب أن هذه الأجهزة أو بعض خلاياها ما تزال تعتقد - رغم ما حدث ويحدث في عدّة بلدان عربية شقيقة - أن البلطجة وسيلة فعالة لوقف الإحتجاجات أو منع اتساعها, من دون الإحراج السياسي الذي يرافق القمع الرسمي. إلا أن البلطجة ترتد على السلطات في تبعات أسوأ من ذلك الإحراج. فهي تنشر الشعور بضعف السلطات وفقدان الأمن وتدمر ما بقي من ثقة بالنظام السياسي, وتفتح المجال أمام تدخلات عنفية من أطراف غير مسؤولة او صاحبة أجندات غير وطنية, وتنشر الفوضى.

جربت الأوساط الأمنية, استخدام البلطجية في عمان, عدّة مرات, ولم تحصد من وراء ذلك, سوى الإساءة لسمعة البلد, وتقويض الصورة الحضارية التي اجتهد الأمن العام في رسمها للتعامل الأردني الرسمي مع الإحتجاجات. بل أن البلطجية لم يتورعوا, قبل أسابيع, عن الإساءة للدبلوماسية الأردنية وإحراجها, حين صعّدوا ضد وكالة الأنباء الفرنسية, بينما كان الملك في زيارة رسمية إلى باريس. وهكذا, فإنك حين تطلق الشيطان من قمقمه, لا تستطيع ضبط حركته ضدك ايضا.

البلطجة مدانة سواء في عمان أم في المحافظات. لكن بينما يمكن استيعاب نتائجها في مدينة كبرى لا تشكل مجتمعا محليا متماسكا, فإن ردود الأفعال في مجتمعات محلية عشائرية, لا يمكن الإمساك بها, وهي ستجر إلى تضامن المجتمع المحلي مع أبنائه المحتجين, سواء على المستوى السياسي أم على المستوى العشائري. ومثال درعا في سورية قريب وماثل. فقبل قمع التحرك المحلي في هذه المحافظة العشائرية, كانت السلطات تسيطر أمنيا, وفقدت هذه السيطرة ابتداء من قمع درعا.

البلطجة في الكرك, ليست مجرد خطأ, بل يرقى استخدامها غير المسؤول في مواجهة الحراك المنضبط والسلمي والراقي في عاصمة الحركة الوطنية الاجتماعية, إلى مستوى التآمر على النظام والدولة والبلد.فالذي اتخذ القرار باستخدام البلطجية في معقل عشائري, يريد الإنتقال بالأردن إلى الفوضى. وحين تنتفض الكرك سوف تستجيب لها الطفيلة والسلط واربد والبادية, فالمزاج السياسي الأردني واحد. وهو غاضب وراديكالي بأكثر مما تتصور الخلايا الأمنية. ولذلك, فإن التحقيق الفوري والجدي في هذا التطور الخطير, لا يهم الحراك الشعبي بقدرما يهم جميع الأطراف السياسية, ومنها, بالخصوص, الأطراف المسؤولة في الدولة.

العرب اليوم

أضف تعليقك