البخيت إذ يعود للتذمر

البخيت إذ يعود للتذمر
الرابط المختصر

في حكومة معروف البخيت الاولى،كان الرئيس يشكو من ضغط المؤسسات الاخرى عليه،ومن عرقلة نشاطه،وكان يصف حاله بأنه يواجه «مثلث الموت» قاصداً ثلاث شخصيات،تضغط عليه،وتتصّيد أخطاء حكومته،آنذاك.

الحكومة الاولى للبخيت،خرجت بخسائر ليست سهلة،ابرزها تضرر تجربته من ملف الانتخابات النيابية والبلدية،ويروي البخيت انه كان ضد تزوير الانتخابات،وانه تلاوم مع مسؤول على هذا التزوير،فرد عليه بالانجليزية قائلا catch me if u can.

التعبير يعني حرفيا «امسكني اذا استطعت» وسياسياً يعني انك لن تجد دليلا واحداً على انني قمت بتزوير الانتخابات،ولو وجدت،لما استطعت فعل اي شيء،وذهبت القصة مثلا،يرويه البخيت في مجالسه دليلا على انه لم ُيزور الانتخابات!.

وبقي السؤال:لماذا يقبل البخيت تحميله مسؤولية تزوير الانتخابات وهو يعرف مسبقاً ان المسؤولية المعنوية والقانونية يتحملها رئيس الحكومة ووزير الداخلية،ولايتحملها أي لاعب في الظل او العلن،مهما قيل في بلاغته اللغوية اللندنية.

هذه الايام عاد معروف البخيت للتذمر مجدداً،ووفقاً لما ُيرّوى عنه،انه يعاني من شك شديد وارتياب في دور المؤسسات الاخرى،ومن على رأسها،ويشعر انهم يتصيدون له الاخطاء،ويبحثون عنها،ويحفرون له «الحفرة» تلو «الحفرة».

بمعنى أدق يعتقد البخيت ان «مثلث الموت»وفقاً لتعبيره ذات يوم،عاد الى النشاط،عبر أربعة رؤوس جديدة،وصار مربع الموت،وهو يشتغل وفقاً لرأيه تحت وطأة ظرف صعب جداً،وان هذا التصيد يؤثر على وضع الحكومة النفسي،وعلى قدرته!.

فوق ذلك تعاني الحكومة من وجود اجنحة فيها،وصلت الى مرحلة حرجة،تتلخص برغبة وزراء بالخروج،ورغبة وزراء بأخذ حقائب لوزراء آخرين،وشك الرئيس بوجود وزراء يتسللون ويتصلون بقوى مناوئة له داخل الدولة.

هذا هو وضع الحكومة،غير ان الفرق بين حكومته الاولى والثانية،فرق كبير،فالتذرع بوجود قوى تحاربه من داخل الدولة،وتتصيد اخطاء حكومته،قد يبدو مقبولا في تلك الفترة،فيما عودة ذات الكلام بات غير مقبول على مستويات عليا في الدولة.

من الطبيعي جداً،وهذا نسق معروف في تاريخ الدولة ان ترقب المؤسسات الاخرى اداء الحكومة،وتقدم وصفات لتحسين الاداء،وتنطق بملاحظات معينة،وهذا امر حيوي وحساس،لايعني عرقلة الحكومة.

هذه المرة حظيت حكومته بفرصة نادرة،والمسؤولون في الديوان الملكي،وفي المؤسسة الامنية،وفي الاعيان،لايحرضون على حكومته،بل يسعون لدعمها،والادلة على ذلك كثيرة،دون ان ننكر هنا ان هذه المؤسسات تلاحق كل التفاصيل،فهذا دورها الطبيعي.

حالة التذمر في حكومة البخيت الاولى،كانت مبررة،ومفسرة،ومصدقة،غير انها في حالة حكومته الثانية،غير مقبولة وغير مبررة،وغير مصدقة ايضاً،لكونها باتت نمطاً ومهرباً من مسؤوليات كثيرة.

الانتخابات الماضية،سقطت محلياً ودولياً تحت عنوان«catch me if u can»

فيما هذه المرحلة لا تحتمل تسويق تعبير «مثلث الموت»،ولا التعبير الذي سبقه،لان المسؤوليات محددة وواضحة،ولاينفع معها البحث عن مخرج طوارئ.

التذمر سابقاً كان من اسماء معروفة،واليوم من اشباح معروفة وغير معروفة،والمشترك بين الحالتين،ان واقع الحال يشي بثقل الاعباء على هذا البلد،وانشغال حكوماتنا بالبحث عن «شماعات» لتعليق الاخطاء عليها.

من حفر حفرة لأخيه وقع فيها،اما الحكومات فدورها ردم الحفر لا الوقوع فيها،هذا أذا صح ان هناك «حفراً سياسية» يتم تجهيزها بليل،على يد خصوم الرئيس وحكومته

الدستور

أضف تعليقك