الاقتصاد في النصف الأول:إيجابيات وسلبيات
تغضب الحكومة من الكتابات والتعليقات التي تتحدث عن سلبيات الاقتصاد, وتصر على ان هناك انجازات كبيرة تحققت وان الاقتصاد في تحسن مستمر, وللفصل في هذا الشأن لا بد ان نستعين بجهة محايدة تعطي رأيا يُصوّب الاتجاه ويعكس حقيقة الامر, وقد تكون الارقام الرسمية هي الفيصل في هذه الحالة.
تقول الاحصاءات نصف السنوية ان حوالات العاملين في الخارج نمت بنسبة 1.2 بالمئة لتبلغ 1.248 مليار دينار في حين ان الودائع زادت 4.6 بالمئة لتبلغ 21.233 مليار دينار, علما ان التسهيلات لم تزد في نفس الفترة عن 1.4 بالمئة, وهذا مؤشر واضح على ضعف التجاوب المصرفي مع القطاع الخاص والاستمرار في سياسة التشدد بالائتمان, في المقابل نجد ان احتياطات المملكة من العملات الصعبة تراجعت بمقدار 700 مليون دولار في النصف الاول لتبلغ حوالي 10.3 مليار دولار, ولغاية الان لم نسمع احدا من الجهات الرسمية يوضح للرأي العام مبررات ذلك الانخفاض علما ان الحكومة ما زالت تتغنى بنمو الودائع ولا احد يعلم لماذا هي سعيدة بهذا الحجم الكبير من الودائع التي نمت في ظل اسعار فائدة عالية على الدينار, مما رتب كلفا عالية على الاقتصاد الاردني.
انخفاض الاحتياطيات هو مؤشر نقدي مهم, لان تراجعه بشكل تدريجي دون فهم طبيعة الهبوط يعني انه قد تكون هناك تحويلات فردية على الدولار او ان هناك شراء للدولار في المركزي من البنوك, او ان هناك تحويلات للاموال الى اسواق اكثر استقرارا او ان هناك تخوفات من مؤشرات الاقتصاد الاردني المتعلقة بالعجز والمديونية وغيرها, كل تلك تبريرات قابلة للتحقق, نتمنى على اي مسؤول ان يوضح تفسيرا لما يحدث بالاحتياطات.
أما الدخل السياحي فقد نما في النصف الاول بنسبة 28 بالمئة وهو رقم كبير لكن اذا ما تمت مقارنته باسواق الجوار سنجده متواضعا للغاية, حيث نما في لبنان 70 بالمئة وفي سوريا 40 بالمئة.
وعلى صعيد المالية العامة فان ارقام الشهور الخمسة الاولى من العام الحالي اظهرت ان عجز الموازنة انخفض بنسبة 60 بالمئة بسبب ارتفاع المنح بنسبة 34.3 بالمئة وزيادة الايرادات, وهنا لا بد من التذكير ان نمو الايرادات لم يتأت نتيجة فاعلية التحصيل بل بسبب فرض ضريبة جديدة على البنزين بنسبة 6 بالمئة اضافة الى ضريبة التوزيع.
وسجل إجمالي الإنفاق الجاري والرأسمالي في اول خمسة اشهر من العام الحالي تراجعا بمقدار 150 مليون دينار, في حين ارتفع الانفاق الجاري بنسبة 1.6 بالمئة, فيما سجل رصيد الدين العام ما مقداره 9.891 مليار دينار العام الحالي مقابل 9.660 حجم الدين العام الماضي بزيادة مقدارها 231 مليون دينار.
وفيما يتعلق بنمو التداول في سوق العقار خلال الخمسة أشهر الأولى من العام الحالي بما مقداره 1.884 مليار دينار او بارتفاع نسبته 16 بالمئة مقارنة بنفس الفترة من عام ,2009 فاننا نتمنى على الجهات الرسمية توضيح تفاصيل هذا النمو, بمعنى انه تأتى نتيجة بيع وشراء ام نتيجة بيع بالوكالات الخاصة, حيث من المعروف انه إذا ما تم استثناء البيع من خلال الوكالات الخاصة المحددة بسنة واحدة فان حجم التداول العقاري سيكون اقل من ذلك بكثير نظرا لان عددا كبيرا من مالكي الأموال غير المنقولة بموجب وكالات خاصة يضطرون للبيع الشكلي حتى لا يفقدوا حقهم في الملكية.
أما التجارة الخارجية فان نمو الصادرات في الشهور الخمسة الاولى بنسبة 14.2 بالمئة يقابله نمو بالعجز التجاري نسبته 11.5 بالمئة اي اننا نسير على نفس الخطى منذ سنوات في ما يتعلق بالعجز.
هذه بعض الارقام الرسمية الصادرة من اجهزة الدولة ومؤسساتها, فيها من الايجابيات التي تجعل المسؤولين يتغنون بها, وفيها من السلبيات وهي كثيرة ما يجعل المنتقدين يواصلون نهجهم في نقد الخطاب الاقتصادي الرسمي.