الاقتصاد بحاجة لقرارات تحفيزية عاجلة
حالة من عدم اليقين تسود الاقتصاد الاردني في الوقت الراهن, القت بظلال قاتمة على اداء الكثير من القطاعات التي كان من المفترض ان تنهض بعد سلسلة من التداعيات التي اثرت سلبا على انشطتها في سنة .2009
الحكومة بدورها وخلال الستة أشهر الماضية قامت بسلسلة اجراءات لمواجهة حالة التباطؤ في الاقتصاد من عمليات ضبط للانفاق وتبويب النفقات وتنفيذ تقرير لجنة التسهيلات وتبسيط الاجراءات وغيرها, الا انه ومع مرور الوقت ثبت ان تجاوب الاقتصاد مع تلك الاجراءات ما زال بطيئا ويحتاج الامر الى مزيد من الوقت.
الى ذلك الحين فان التحديات تقف امام اخراج الاقتصاد من حالة الارباك التي تسوده منذ بداية العام, ولعل مراكز صنع القرار الاقتصادي يبحثون عن كيفية التحرك خاصة في ظل محدودية الموارد من جهة وتنامي تداعيات الازمة العالمية من جهة اخرى.
الخيارات محدودة في ظل الاوضاع الراهنة لكنها ليست مستحيلة, فالاقتصاد الاردني يعاني من ازمة حقيقية على صعيد الموازنة يتمثل في عجز مزمن فاقت نسبته ال¯ 10 بالمئة من الناتج ومديونية تناهز العشرة مليار دينار تقريبا واعتماد متزايد المنح الخارجية وفقدان الدولة للكثير من ادواتها الاستثمارية الخاصة بها.
اما على صعيد القطاع الخاص فهو يعاني من ازمات كثيرة ومتتالية منها ما هو متعلق بنمو نفقاته ومحدودية الاقتراض وفقدان الاسواق الخارجية لتصريف منتجاته وصعوبة الحصول على تسهيلات مصرفية ناهيك عن الانخفاض الحاد في اسعار الاسهم ساهم في اضعاف أية رهونات للبنوك مما يتطلب تعزيزها وهذا امر صعب في المرحلة الحالية.
اما على الصعيد المجتمعي فان شرائح عديدة من المجتمع تعاني من ارتفاعات حادة بالاسعار خاصة في مجال الطاقة والمواد الغذائية ناهيك عن ارتفاع تكاليف التأمين الصحي والتعليم بأنواعه والخدمات المساندة له من نقل وغير ذلك كلها وضعت الامن المعيشي للمواطنين على المحك في الوقت الراهن وهو امر يضع عقبات كبيرة امام راسم السياسة الاقتصادية في اتخاذ اي قرار لمعالجة الاختلالات من حيث الموازنة بين الاهداف المالية وبين الابعاد المجتمعية.
على ضوء هذه التحديات; الحكومة مطالبة اليوم باتخاذ حزمة من الاجراءات التحفيزية الخاصة بالاقتصاد هدفها في النهاية تعزيز الثقة بالاقتصاد وبث روح التفاؤل لدى مجتمع الاعمال بالخطوات الرسمية, وهذا لا يتم الا من خلال اجراءات على ارض الواقع تصب في زيادة عمليات التحفيز لقطاعات من خلال النظر الى المشاكل التي يعاني منها كل قطاع على حدة والتعامل باستثنائية في هذا الوقت الصعب.
خطوة اخرى مطالبة الحكومة بالاسراع فيها الان اكثر من اي وقت مضى وهي اعادة النظر في الرسوم والضرائب التي يدفعها المجتمع, والعمل على توزيعها بشكل يتناسب مع الدخل, ومن هنا فان المواطنين ميسوري الحال الذين يستهلكون مياها اكثر على سبيل المثال مطالبون بدفع اثمان اعلى من التي يستهلكها غالبية الشعب الاردني لغايات الشرب على سبيل المثال.
الحكومة مطالبة باعادة النظر في دعم الطلبة المحتاجين الذين لا يقدرون على دفع تكاليف الدراسة والنقل وهي مطالبة بتحميل تلك الفروقات لجهات ميسورة الحال وهذا امر عادل لا غبن فيه.
ايضا الحكومة مطالبة بالنظر في وضع المعلمين وامتيازاتهم بطريقة مؤسسية تحميهم من موجة الغلاء وتآكل دخلهم بما يضمن تسهيل عملهم وتعزيز رسالتهم السامية استجابة للتوجيهات الملكية السامية ومنحهم حوافز لا تقل عن تلك التي تحصل عليها الفئات الاخرى في المجتمع.
لا شك ان معدلات الفقر في الاردن في تزايد خاصة في العامين الاخيرين وهو امر يلقي بتحديات جديدة على صندوق المعونة الوطني الذي يحتضن الفئات الفقيرة, لذلك فان الحكومة مطالبة اولا واخيرا بتعزيز شبكة الامن الجماعي للشرائح المتوسطة والفقيرة والطلبة والجمعيات الخيرية وهذا لا يتم الا من خلال اقتطاع الرسوم من الشرائح الغنية وبشكل يتناسب مع دخلها, فالعدالة المجتمعية ركيزة اساسية لاستقرار المجتمع.
من جانب آخر فان الحكومة في اطار بحثها عن الوسائل الكفيلة بزيادة الايرادات مطالبة اليوم بتوضيح نتائج سياسات ضبط الانفاق التي اتبعتها منذ بداية العام والتي اثمرت لغاية يومنا هذا عن تحقيق 30 مليون دينار وفر في الخزينة حتى يقتنع المجتمع بان تلك السياسة هي حقيقية وليست وهمية, كما ان عليها وفي اطار خطتها بزيادة الضرائب المتحصلة اساسا من الشرائح الغنية الابتعاد عن أية رسوم قد تؤثر على الامن المعيشي للمواطنين.
التحرك السريع للحكومة يضمن تعافيا مؤقتا للاقتصاد سرعان ما ستتجاوب معه القطاعات الاستثمارية لانها ستطمئن الى ان هناك خارطة طريق للاقتصاد وان الامر ليس متعلقا باسلوب الفزعة