الاستقلال له أكثر من معنى

الاستقلال له أكثر من معنى

لم يكن عيد الاستقلال في بلدنا منذ اليوم ذاته 25/ 5/ 1946 مجرد احتفال عاطفي يتسابق فيه الامل مع الواقع, والتمنيات مع المعاناة, وانما كان دائماً حالة قائمة:

- للذين بنوا كما النحل بصبر وأناة.

- والذين قاتلوا معاركهم المستمرة دفاعاً عن الكيان الوطني, وعن اهدافه في عمان كما في القدس وباب الواد, والرمادي العراقية وتدمر السورية.

- والذين صنعوا من الاستقلال حقائق التحرر من النفوذ الاجنبي, ومن ديكتاتوريات العسكر في الداخل.. من هيمنة كلوب, ومن سطوة الطغاة العرب سواء بسواء!

هذا الاستقلال في ضمير الاردنيين, ليس احتفالية يوم, يكرر فيه الاعلام كلاماً معاداً مكروراً.. وانما هو مجموعة قيم مجتمعية فشلنا حتى الان في تعليمها لطلابنا منذ السنة الاولى وحتى السنة الاخيرة. وفشلنافي تحويلها الى طريقة حياة, في سباقنا على المكاسب والغنائم.. والنهب في هذا البلد الفقير المكدود.

أيام كنا امارة على سيف الصحراء, كان الاردن يخيف جيرانه فيتحالفون ضده. وقد دفع الشهيد المؤسس حياته ثمناً لهذه العظمة. وفي المملكة الثانية.. مملكة الحسين الباني, كانت احداث المنطقة اكبر منا, لكننا لم نخف, وانما تعلمنا ان نتقي العاصفة بأقل الخسائر, وان نناور بمساحات مذهلة لم تتوفر للكثيرين من الاشقاء. فشاكسنا دولاً عظمى دون ان نختبيء وراء قوى عظمى ووقفنا مع اشقاء عانوا الحرب والحصار, ودفعنا الثمن لكن ذكاء الحسين, ويقين شعبنا بعقله وصلابته, خفف كثيراً من اوجاع هذا الثمن.

والذين يطالبون كل يوم بالغاء معاهدة وادي عربة, لا يعرفون أنها جزء من الثمن الذي دفعناه وندفعه لوقوفنا الى جانب العراق العظيم.. وما نزال لسنا بعيدين عنه!!

وايام عبدالله الثاني يستقر الاستقلال في سياسات الدولة بتفادي كارثة «الربيع العربي» وبموقفنا الواضح من ممانعة العدوان الاجنبي على سوريا, دون أن نجعل من الطاغية الذي يقتل شعبه حليفاً أو صديقاً, أو عابر طريق!! وبالوقوف الحازم الى جانب الشعب الفلسطيني للوصول الى دولة فلسطين.. والى القدس. وبالاصرار على ابقاء العلاقة الوثيقة مع العراق.. فالعراق بحاجة الى من يساند عروبته في وجه الذين فشلوا في اقتحامه عسكرياً, ويعملون الان على اقتحامه والهيمنة عليه مذهبياً.. وتقسيمة الى سنّة وشيعة, وعرب وكرد, وتركمان واشوريين.. فالهيمنة الصفوية لا تتم الا بعراق ممزق نازف مدمر وجائع ومريض!!

بلد الاستقلال الذي نقف اليوم امامه هو بلد الحرية. والحرية لا تعني التخلص من الهيمنة الاجنبية فقط.. وانما حرية القرار, وحرية الفكر الوطني والقومي. وحرية المواطن من الخوف, والعوز والمرض.. والتشرد!

الرأي

أضف تعليقك