الاحتجاج بالمشي الى عمان

الاحتجاج بالمشي الى عمان

لم يعد السكوت مجديا، فلا أحد يلوم شابا عاطلا عن العمل إن سار مئات الكيلومترات على الأقدام باتجاه عمان للتعبير عن احتجاجه وغضبه من سوء وضعه المعيشي وفشل الحكومات المتعاقبة في تلبية مطالبه البسيطة بعمل يوفر له أساسيات البقاء على قيد الحياة.

 

الغضب الذي يعبر عنه مئات الشباب القادمون من العقبة وإربد وعجلون وذيبان ومعان و... يعكس حالة السخط بين الأردنيين جميعا من فشل السياسات الحكومية الاقتصادية والاجتماعية والإدارية والتعليمية في التخفيف من الفقر والبطالة بين الأردنيين طوال العقود الماضية.

 

فمن عجائب الدهر إننا بلد صغير قليل الموارد لكنه يوفر فرص عمل لأكثر من مليون عامل وافد يحولون أكثر من ملياري دينار سنويا للخارج وفي نفس الوقت نحن دولة تعجز عن توفير 300 ألف فرصة عمل للعاطلين عن العمل من الأردنيين. فهل يعقل أن تتعهد الحكومة بتوفير 200 ألف فرصة عمل للاجئين السوريين وأبناؤها يتظاهرون من اجل فرصة عمل؟

 

 

ظاهرة المشي الاحتجاجي باتجاه العاصمة تقلق الحكومة وتشكل ضغطا على كل أجهزة الدولة، لأنها تغذي كل الحركات الاحتجاجية وتثبت صحتها، الأمر الذي حاولت الحكومة عبر وزارتي الداخلية والعمل مداواته بالحوار مع المحتجين على الطرقات واسترضائهم ببعض الوظائف في القطاع الخاص إلا أنهم يرفضون أية فرص عمل لا تضمن لهم الأمان الوظيفي.

 

 

رئيس الوزراء بادر الأربعاء الماضي بلقاء بعض الشباب الذين لا يمتون بصلة لمحتجي الطرقات، وهذا لن يحل المشكلة إن لم يزدها سوءا بعد ان عرف الناس من هم هؤلاء الشباب الذين التقاهم الرزاز، فالقضية ليست بتوفير مئة فرصة عمل لقادم من العقبة او مثلهم مع اربد او معان، فهذه قضية وطنية كبيرة بحاجة الى علاج حقيقي مستدام.

 

 

إن سياسات الاسترضاء للإفراد والجماعات عبر الحكومات المتعاقبة هي التي أوصلتنا الى ما نحن به اليوم من تضخم في الجهاز الإداري للدولة وتضخم في أعداد العاملين في شركات التعدين في الجنوب وغيرها من المؤسسات شبه الحكومية.

 

 

الحكومة اليوم في وضع لا تحسد عليه، فان هي استجابت ووفرت مئات فرص العمل للمحتجين اليوم فان الأمر لن يتوقف بل يشجع مئات غيرهم ليحذو حذوهم، وان هي سكتت فان كرة الثلج ستتدحرج، وكلاهما خيار مر، والتسويف مكلف لان رمضان على الأبواب.

 

الحكومة تتخوف من ان تصب مسيرات العاطلين عن العمل في الدوار الرابع ويزداد الموقف اشتعالا. ورغم أن القضية واحدة، إلا أن هؤلاء يرتكبون خطأ إن هم التقوا مع حراك الرابع، فالفرق كبير بين مطالب الفريقين، الأول يطالب بالإنصاف والعدالة وفرص عمل، والثاني يتحدث بما هو أشمل في السياسة وتغيير النهج ومحاربة الفساد.

 

 

 

لا حل أمام الحكومة إلا مغادرة حالة النكران والاعتراف بفشل السياسات المتعاقبة وفشل النهج الاقتصادي كاملا وان تبدأ فورا بالعلاج الشافي، وهو وضع استراتيجيات اقتصادية جديدة لمكافحة البطالة والفقر عبر التشديد على العمالة الوافدة المخالفة، وإغلاق مهن جديدة أمام العامل الوافد وضخ مشاريع تنموية في المحافظات وتشجيع الاستثمار وتطوير التعليم ليتلاءم وحاجات سوق العمل.

 

نعم هذه خطط طويلة المدى، لكن المهم أن نبدأ، وكلما تأخرنا سندفع ثمنا باهظا، فالضعف الحكومي يغري مشعلي الحرائق.
خذلتنا الحكومات، وللأسف هذه الحكومة لم تختلف عن سابقاتها بقلة حيلتها وأخطائها المجانية.

أضف تعليقك