الإيرادات والنفقات في الموازنة العامة للدولة

الإيرادات والنفقات في الموازنة العامة للدولة

تولت حكومة معروف البخيت مراجعة مشروع قانون الموازنة المقدم من الحكومة السابقة وتعديله قبل اقراره حيث بررت خطوتها هذه في حينه كي لا تضطر لاصدار ملحق للموازنة, وقد ادخلت التعديلات التالية عليها, زيادة في النفقات الجارية بقيمة 340 مليون دينار, وتخفيض الايرادات بقيمة 120 مليون دينار, على ان يتم تغطية هذه التعديلات بتحويل 220 مليون دينار من النفقات الرأسمالية الى النفقات الجارية, وزيادة المنح 140 مليون دينار وزيادة العجز 100 مليون دينار, وتصبح الموازنة بعد التعديلات 6.369 مليار دينار منها 5.349 مليار دينار نفقات جارية و1.024 مليار دينار نفقات رأسمالية, وبلغت الايرادات المحلية 4.769 مليار دينار والمساعدات الخارجية 440 مليون دينار وعجز الموازنة 1.160 مليون دينار.

ورغم التعديلات المذكورة والمبررات التي طرحتها الحكومة الا انها اصدرت ملحقا جديدا للموازنة قبل اسبوعين, تضمن زيادة في النفقات العامة بقيمة 584 مليون دينار, منها 527 مليون دينار نفقات جارية و57 مليون دينار نفقات رأسمالية, على ان يتم تغطية قيمة الملحق من المساعدات الاضافية التي حصلت عليها الدولة من العربية السعودية والبالغ قيمتها 1400 مليون دولار.

وبذلك ارتفعت موازنة الدولة لتصبح 6.953 مليار دينار منها 5.872 مليار دينار نفقات جارية, و1.081 مليار دينار نفقات رأسمالية, ولم يطرأ اي تعديل ايجابي على الايرادات المحلية بل على العكس هي مرشحة للانخفاض, والتي اصبحت تشكل حوالي 68% من اجمالي الانفاق العام, ولا تغطي سوى 81% من النفقات الجارية, وهي تعكس تردي الاوضاع الاقتصادية والمالية في البلاد, ومنذ عام 2003 لم تشهد البلاد عجزا في الايرادات المحلية مقارنة مع النفقات الجارية بنسبة كهذه, علما ان اعوام 1992-1996 حققت الايرادات المحلية وفرا بعد تغطية النفقات الجارية, وشكلت الايرادات ما نسبته 120%, 108%, 107%, 107%, 104%, من النفقات الجارية للسنوات المذكورة على التوالي. 

كما شكلت الايرادات المحلية لعام 2006 ما يعادل 101.5% من النفقات الجارية, قبل ان تتصاعد النفقات الجارية بشكل ملحوظ وبوتائر اعلى بكثير من الايرادات المحلية, وقد بلغ نمو النفقات الجارية للعام الحالي وفقا للمعطيات المذكورة اعلاه نسبة 20% مقارنة مع عام 2010 اعادة تقدير, مقابل نمو الايرادات المحلية المتوقعة 8.5%. وفي ضوء زيادة النفقات العامة ارتفعت نسبة عجز الموازنة من 7.6% كما وردت في قانون الموازنة المقدرة الى اكثر من 10% من الناتج المحلي الاجمالي.

لوحظ في توزيع النفقات في الموازنة العامة للدولة المتعارف عليها بين بعض القطاعات الاساسية عدم مراعاة المعايير الدولية, فقد بلغت نسبة نفقات الجهاز العسكري حوالي 9% من الناتج المحلي الاجمالي, وهي من النسب المرتفعة جدا في العالم, فالولايات المتحدة الامريكية التي تعتبر اقوى دولة عسكريا والاكبر اقتصاديا, لا تتجاوز نسبة نفقاتها العسكرية اكثر من 4% من الناتج المحلي الاجمالي, وفرنسا 2.3% وبريطانيا 2.4% واسبانيا وكندا 1.2%, وفقا لما ورد في الكتاب السنوي لعام 2009 لمعهد ستوكهولم لابحاث السلام الدولي, ومع ذلك تعتبر نسبة الانفاق على الجهاز العسكري في هذه البلدان مرتفعة, فرغم انتهاء الحرب الباردة الا ان العالم شهد زيادة في الانفاق العسكري في الاعوام الاخيرة, وقدر الانفاق العسكري العالمي بنحو 1464 مليار دولار في عام 2008 بزيادة قدرها 4% مقارنة مع عام ,2007 ومع ذلك يبقى الاردن من اعلى النسب في العالم, الامر الذي يشكل تأثيرا مباشرا على زيادة النفقات العامة للدولة, وسواء انطلقت هذه التوجهات بسبب الهواجس الامنية المبالغ بها, او بهدف معالجة مشكلة البطالة وتوفير فرص عمل, الا ان النتائج لم تأت في مكانها.

ان الاستثمار في المشاريع التنموية التي تحقق تنمية مستدامة كفيلة بمعالجة قضايا البطالة بشكل افضل, وعلى اهمية وضرورة توفير الامن والاستقرار للمجتمع المحلي, الا ان معالجة قضايا الفقر والبطالة وتوفير الخدمات الصحية والتعليمية باسعار مناسبة يسهم بشكل مباشر في تحقيق الامن الاجتماعي والاستقرار في البلاد. الامر الذي يتطلب زيادة نصيب قطاعات الصحة والتعليم والعمل خاصة اذا ما علمنا ان نصيب القطاع الصحي من النفقات العامة للدولة 651.65 مليون دينار, ما يعادل 9% من النفقات العامة, وقد حافظت هذه النسبة على معدلها خلال الاعوام العشرة الاخيرة, علما ان منظمة الصحة العالمية تطالب دول العالم بتخصيص 15% من انفاقها على القطاع الصحي, اما قطاع التعليم فقد بلغ نصيبه من النفقات العامة 811.3 مليون دينار ما يعادل 3.7% من الناتج المحلي الاجمالي وتعتبر من النسب المتدنية في العالم. 

الانفاق المالي المنفلت ادى الى ارتفاع المديونية بشكل خطير, حيث تجاوزت قيمتها 13 مليار دينار, وقد اعلن وزير المالية بان المديونية اصبحت تشكل 65% من الناتج المحلي الاجمالي, وتجاوزت قانون الدين العام الذي حدد سقفها 60% من الناتج المحلي الاجمالي المتحقق في اخر سنة, وليس المتوقع كما يطرح الوزير, وبذلك ترتفع نسبة المديونية الى 67% من الناتج المحلي الاجمالي, والحكومة ماضية بنفس النهج وهي تعد لموازنة 2012 .

العرب اليوم

أضف تعليقك