الإسلاميون بعد أحداث المفرق
يقرر الاسلاميون التصعيد رداً على ما حدث في المفرق، هذا مع اقرارنا بأن ما حدث كان مؤلماً، الا اننا كنا نتمنى من الاسلاميين ان يرحموا العصب العام، وان لا يردوا بالتصعيد، لا بالذهاب ولا بالاياب.
الدولة ردت اليهم جمعية المركز الاسلامي كدفعة تحت حساب تطبيع العلاقات بين الجهتين، والرد على الغزل يكون بالغزل، لا باستضعاف الذي يغازل والتصعيد ضده اضعافا مضاعفة.
دور الاسلاميين التاريخي كان الفصل بين الدولة والناس، وحماية استقرار الداخل في احيان اخرى، ولو على حسابهم، وفي حالات كنا نرى قيادات تاريخية عملاقة تزرع البلد سكينة وطمأنينة، اكانوا رابحين ام خاسرين، لانهم كانوا يتصرفون باعتبارهم كباراً.
ها قد تم رد جمعية المركز الاسلامي الخيرية الى عصمة جماعة الاخوان المسلمين، وهذا اقرار متأخر بأن السيطرة على الجمعية كانت خطأً كبيراً، وكنا نتمنى ان لا تأتي خطوة الاعادة بعد قصة المفرق، حتى لا تبدو انها حدثت تحت وطأة ما حدث الجمعة الماضي.
لا نحرم الاسلاميين ايضا من حقوقهم ايضا، اذ ان اعادة جمعية المركز الاسلامي الخيرية التي ادارت استثمارات مالية لصالح الفقراء والمحتاجين في البلد، بمئات ملايين الدنانير، الى الحركة الاسلامية، توجب التذكير بالتغيير الذي حصل داخل الهيئة العامة.
الهيئة العامة كانت تضم ثلاثمائة وخمسين شخصا في فترة الاسلاميين، ووصل العدد اليوم الى الف ومائة شخص، تم الاتيان بهم، لتكريس التغيير داخل الجمعية، وهذا جسم مستجد يجب التعامل معه بطريقة لا يجعله يتحكم في نتائج انتخابات اللجنة الادارية.
فوق ذلك، لا يمكن ان يستعيد الاسلاميون جمعيتهم الا بتصحيح الهيئة العامة، عبر شطب عضويات الذين تم ادخالهم عنوة الى الهيئة العامة، او استقالتهم، ولا اظن انهم يرفضون، لانهم يعرفون في الاساس سر مجيئهم، وان المكان ليس لهم اساساً.
عند هذه المحطة يمكن القول ان الجمعية عادت للاسلاميين، بعد سقوط المبرر الاساس، اي اتهام الاسلاميين انهم ُيسيّسون الجمعية، ويستفيدون من اصوات الفقراء في الانتخابات النيابية والبلدية، وهو اتهام ضعيف.
لا يعرف احد كيف يتهمهم البعض بذلك، فيما الدولة تتغاضى عن مرشحين آخرين يقدمون الاعطيات المالية والخراف والمناسف ويشترون الاصوات بمئات الدنانير، خلال الحملات الانتخابية، وهذا اشد سوءاً من النمط الاول القائم على التأثر، لا شراء الذمة؟!.
ازمة الدولة مع الحركة الاسلامية صنعها مسؤولون سابقون، ولم تكن الحركة الاسلامية تاريخيا الا حليفا للدولة والنظام، وحفظت الامن والاستقرار، وسياسات الاقصاء، حولتها الى عدو يتم انتاجه، دون ان يكون هذا حقيقياً.
نريد للحركة ان تخرج من حالة الحرد والعصيان، وتعود الى دورها التاريخي في بلد لم يسفك دم احد من الحركة، فلا يتم الرد على الاحسان الا بالاحسان، ونريد للقيادات التاريخية ان تخرج من حيادها لمراجعة كل ما يجري.
غضب الاسلاميين اليوم، سره السياسات العامة التي تم فرضها على البلد والدولة، من جانب مسؤولين سابقين، قاموا بتزوير الانتخابات النيابية والبلدية، وخلق خصوم في البلد، وشق الناس افقياً وعامودياً، وتحويله الى مجموعات متحاربة تشك في بعضها.
اعادة الجمعية وعلى الرغم من اهمية الخطوة لا تخفي ان الجمعية تعاد اليوم، وقد غرقت في عجز مالي وديون بعشرات الملايين، وهكذا يتم رد الجمعية ضعيفة مدينة، ليتسلمها اصحابها وهي في اسوأ حالة، ليصير مطلوبا منهم الان انقاذها.
قد تُراد اعادتها بهذه الحالة ان تبقى عاجزة وان يغرق الاسلاميون في مشاكلها، ولا بد من اعلان كل مشاكلها، اذ يتسلمها الاسلاميون، حتى لا يحملوا على ظهورهم وزر الواقع المخفي للجمعية.
الجمعية من حق الاسلاميين، ومن حقهم ان يصححوا الاختلالات فيها، ومن حقنا عليهم ان نطلب منهم ان يرحمونا قليلا وان لا يواصلوا التصعيد، لان البلد لا يحتمل كل هذا التسخين.
الدستور